للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه السلام هو النمروذ بن كنعان بن سنجاريف بن النمروذ الأكبر، وأنّ بخت نصّر من عقبه وهو ابن برزاد بن سنجاريف بن النمرود [١] ، وأنّ الفرس الكينية غلبوا بخت نصّر على بابل، ثم أبقوه واستعملوه عليها، وأنّ كسرى الأوّل من بني ساسان خرب مدينة بابل. وعند الإسرائيليين وينقلونه عن كتاب دانيال وأرميا من أنبيائهم وضبط هذا الاسم يرميا انّ بخت نصّر من عقب كاسد بن حاور وهو أخو إبراهيم الخليل، وبنو كاسد هؤلاء من ملوك بابل ويعرفون بالكسدانييّن نسبة إليه، وانّ بخت نصّر منهم ملك أكثر المعمور، وغلب على بني إسرائيل، وأزال دولتهم، وخرّب بيت المقدس، وانتهى ملكه إلى مصر وما وراءها، وكان ملكه خمسا وأربعين. وملك بعده ابنه أويل مرود ثلاثا وعشرين سنة، وبعده ابنه بلينصر ثلاث سنين ثم زحف إليه دارا من ملوك الفرس وصهره كورش فحاصروه بمدينة بابل، وقال بعض الإسرائيليين ان بخت نصّر وملوك بابل من كسديم، وكسديم من عيلام بن سام وهو أخو أشوذ، ومن أشوذ ملوك الموصل انتهى الكلام في ملوك الموصل وملوك بابل.

وهذا غاية ما أدى اليه البحث من أخبارهم وأنسابهم، وكان من هؤلاء والكلدانيين دين الصابئة وهو عبادة الكواكب واستجلاب روحانيتها. ويذكر أنهم كانوا لذلك أهل عناية بأرصاد الكواكب، ومعرفة طبائها، وخلاص المولدات، وما يشابه ذلك من علوم النجوم والطلسمات والسحر، وأنهم نهجوا ذلك لأهل الربع الغربي من الأرض. وقد يشهد لذلك قراءة من قرأ: وما أنزل على الملكين بكسر اللام، مشيرا إلى أن هاروت وماروت من ملوك السريانيين، وهم أول ملوك بابل، وعلى القراءة المشهور وأنهما من الملائكة، فيكون اختصاص هذه الفتنة، والابتلاء ببابل من بين أقطار الأرض، دليلا على وفور قسطهما من صناعة السحر الّذي وقع الابتلاء به، ومما يشهد لانتحالهم السحر وفنونه من النجوم وغيرها، أنّ هذه العلوم وجدناها من منتحل أهل مصر المجاورين لهم، وكان لملوكها عناية شديدة بذلك، حتى كان من مباهاتهم موسى بذلك وحشر السحرة له ما كان، وبقايا الآثار السحريّة في برابي اخميم من صعيد مصر ما يشهد لذلك أيضا والله أعلم.


[١] ورد هذا الاسم بالدال وهو الأصح وفي أماكن اخرى كثيرة بالذال.

<<  <  ج: ص:  >  >>