للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اتخذ الخمر فلان وأوّل من ملك فلان، وأوّل من لعب بالصقور والشطرنج فلان، مزاعم كلها بعيدة من الصحة. إنما وجهه أن السريانيين لما كانوا أقدم في الخليقة نسب اليهم كل قديم من الأشياء، أو طبيعي كالخط واللغة والسحر والله أعلم.

وأمّا النبط فعند المسعودي أنهم من أهل بابل لقوله في ترجمتهم ذكر ملوك بابل والنبط وغيرهم المعروفين بالكلدانيين، وذكر أنّ أولهم نمروذ الجبار ونسبه الى ماش بن إرم بن سام، وذكر أنه الّذي بنى الصرح ببابل، واحتفر نهر الكوفة. ونسب النمروذ في موضع آخر الى كوش بن حام لا أدري هو أو غيره. ثم عدّ ملوكهم بعد النمروذ ستا وأربعين أو نحوها في ألف وأربعمائة من السنين بأسماء أعجمية متعذر ضبطها فتركت نقلها. إلّا أنه ذكر في الموفى منهم عدد العشرين وبعد التسعمائة من سنيهم انه الّذي غزت فارس لعهدة مدينة بابل. وذكر في الموفى عدد ثلاثة وثلاثين منهم عند الألف والأربعمائة من سنيهم انه سنجاريف الّذي حارب بني إسرائيل حاصرهم ببيت المقدس حتى أخذ الجزية منهم. وأن آخر ملوكهم دارينوش، وهو دار الّذي قتله الإسكندر لما ملك بابل. هذا ما ذكره المسعودي ولم يذكر منهم نمروذ الخليل عليه السلام. وذكر ان مدينتهم بابل وأن الّذي اختطها اسمه نير واسم امرأته شمرام ملوك السريانيين اسمان أعجميان لا وثوق لنا بضبطهما. وقال الطبري نمروذ بن كوش بن كنعان بن حام صاحب إبراهيم الخليل عليه السلام. وكان يقال عاد إرم، فلما هلكوا قيل ثمود إرم، فلما هلكوا قيل نمروذ إرم، فلما هلك قيل لسائر ولد إرم أرمان فهم النبط، وكانوا على الإسلام ببابل حتى ملكهم نمروذ فدعاهم إلى عبادة الأوثان فعبدوها انتهى كلام الطبري.

وقال هروشيوش مؤرخ الروم: إنه نمروذ الجسيم، وإن بابل كانت مربعة الشكل، وكان سورها في دور ثمانين ميلا، وارتفاعه مائتا ذراع وعرضه خمسون ذراعا، وهو كله مبني بالآجرّ والرصاص، وفيه مائة باب من النحاس، وفي أعلاه مساكن الحرّاس والمقاتلة تبيت على الجانبين في سائر دورة الطريق بينهما. وحول هذا السور خندق بعيد المهوى، أجري فيه الماء، وأن الفرس هدموه، ولما تغلبوا على ملك بابل تولى ذلك منهم جيرش وهو كسرى الأوّل انتهى كلام هروشيوش.

ويظهر من كلام هؤلاء ان اسم النمروذ سمت لكل من ملك بابل لوقوعه في أهل أنساب مختلفة مرّة إلى سام ومرة إلى حام. وزعم بعض المؤرّخين أنّ نمروذ الخليل

<<  <  ج: ص:  >  >>