للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إسناء الجائزة والخلع والحملان من السلطان، والوعد الجميل بتجديد ما إلى قومه ببلده من الأقطاع والله أعلم.

[الخبر عن الحاجب ابن أبي عمرو وما عقد له السلطان على ثغر بجاية وعلى منازلة قسنطينة ونهوضه لذلك]

سلف هذا الرجل من أهل المهديّة من أجواد العرب من بني تميم بإفريقية، وانتقل جدّه عليّ إلى تونس باستدعاء السلطان المستنصر، وكان فقيها عارفا بالفتيا والأحكام، وقلّده القضاء بالحضرة واستعمله على كتب علامته في الرسائل والأوامر الكبرى والصغرى، فاضطلع بذلك، وهلك على حالة من التجلّة والمنصب، وقلّد ابنه عبد الله من بعده العلامتين أيام أبي حفص عمر ابن الأمير أبي زكريا كما كان لأبيه، فاضطلع لذلك وكان أخوه أحمد بن علي مستنا [١] وقورا منتحلا للعلم.

ونشأ ابنه محمد وقرأ بتونس، وتفقّه على مشيختها. ولما التاثت أمورهم وتلاشت أحوالهم، خرج محمد بن أحمد بن على مبتغيا للرزق والمعاش، وطوّحت به الطوائح إلى بلد القلّ. وكان منتحلا للطلب [٢] والكتابة، فاستعمل شاهدا بمرسى القلّ أيام رياسة الحاجب ابن أبي عمرو [٣] ، وكانت له صحبة مع حسن بن محمد السبتي المنتحل بنسب الشرف. وكانا رفيقين في مطارح اغترابهما، فسعى له في مرافقة الشهرة، فأسعفا واتصلا بابن أبي عمرو فحمد مذاهبهما، ولما نزع الشريف عبد الوهاب زعيم تدلس إلى طاعة الموحّدين أيام التياث أبي حمّو بخروج محمد بن يوسف عليه، واعتلال الدولة، ودخل في أمر ابن أبي عمرو وجملته، فبعث محمد ابن أبي عمرو هذا وصاحبه إلى تدلس، واستعمل حسن الشريف في القضاء، ومحمد بن أبي عمرو في شهادة الديوان. فلما برئت الدولة من مرضها، واستفحل أمر أبي حمّو وتغلّب على تدلس، وصار رئيس الفتيا من الإمام لاقتضاء طاعتها، وإنفاذ أهلها على السلطان في الوفد، واستقرّا بتلمسان يومئذ واستعملا في خطة


[١] وفي نسخة ثانية: مسمتا، واستعملت هنا بمعنى مرضعا.
[٢] أي لطلب العلم. وربّما تكون محرفة عن (الطب) .
[٣] وفي نسخة ثانية: الحاجب ابن غمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>