للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بإغراء ابن صخر وقبائل سدويكش، وكبسه في مخيّمه وركض هاربا، فلحقه وقتله، وسار إلى البلد بمواعدة أهلها. وجاءني الخبر بذلك، وأنا مقيم بقصبة السلطان بقصوره، وطلب مني جماعة من أهل البلد القيام بالأمر والبيعة لبعض أبناء السلطان، فتفاديت من ذلك، وخرجت إلى السلطان أبي العبّاس فأكرمني وحيّاني [١] ، وأمكنته من بلده، وأجرى أحوالها [٢] كلها على معهودها. وكثرت السعاية عنده في والتحذير من مكاني، وشعرت بذلك، فطلبت الإذن في الانصراف بعهد كان منه في ذلك، فأذن لي بعد ما أبى، وخرجت إلى العرب، ونزلت على يعقوب بن عليّ. ثم بدا له الشأن في أمري، وقبض على أخي واعتقله ببونة. وكبس بيوتنا، فظنّ بها ذخيرة وأموالا فأخفق ظنّه. ثم ارتحلت من أحياء يعقوب بن عليّ وقصدت بسكرة [٣] لصحابة بيني وبين شيخها أحمد بن يوسف بن مزنى، وبين أبيه، فأكرم وبرّ وساهم في الحادث بماله وجاهه والله أعلم.

[(مشايعة أبي حمو صاحب تلمسان)]

كان السلطان أبو حمو قد التحم ما بينه وبين السلطان أبي عبد الله صاحب بجاية بالصّهر في ابنته، وكانت عنده بتلمسان. فلما بلغه مقتل أبيها واستيلاء السلطان أبي العبّاس ابن عمّه صاحب قسنطينة على بجاية، أظهر الامتعاض لذلك، وكان أهل بجاية قد توجّسوا الخيفة من سلطانهم بإرهاف حدّه، وشدّة بطشه. وسطوته فانحرفوا عنه باطنا وكاتبوا ابن عمّه بقسنطينة كما ذكرناه.

ودسّوا للسلطان أبي حمّو بمثلها يرجون الخلاص من صاحبهم بأحدهما. فلمّا استولى السلطان أبو العباس وقتل ابن عمّه رأوا أن جرحهم قد اندمل، وحاجتهم قد قضيت، فاعصوصبوا عليه، وأظهر السلطان أبو حمّو الامتعاض للواقعة يسرّ منها


[١] وفي نسخة ثانية: حباني.
[٢] وفي نسخة ثانية: احوالي.
[٣] بسكرة: بلد بالجزائر كانت قاعدة بلاد الزاب (معجم البلدان) .
ابن خلدون م ٣٦ ج ٧

<<  <  ج: ص:  >  >>