للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى تغيّر السلطان أبو العبّاس على أبي تاشفين في بعض النزغات الملوكية، فأجاب داعي أبي زيّان وجهّزه بالعساكر لملك تلمسان، فسار لذلك منتصف سنة خمس وتسعين وسبعمائة وانتهى إلى تازي وكان أبو تاشفين قد طرقه مرض أزمن به. ثم هلك منه في رمضان من السنة. وكان القائم بدولته أحمد بن العزّ من صنائعهم، وكان يمت إليه بخؤولة، فولّى بعده مكانه صبيا من أبنائه وقام بكفالته، وكان يوسف بن أبي حمّو وهو ابن الزابية واليا على الجزائر من قبل أبي تاشفين، فلما بلغه الخبر أغذّ السير مع العرب، ودخل تلمسان فقتل أحمد بن العز والصبيّ المكفول ابن أخيه تاشفين. فلمّا بلغ الخبر إلى السلطان أبي العبّاس صاحب المغرب، خرج إلى تازى وبعث من هناك ابنه أبا فارس في العساكر، ورد أبا زيان بن أبي حمو إلى فاس ووكّل به. وسار ابنه أبو فارس إلى تلمسان فملكها، وأقام فيها دعوة أبيه، وتقدّم وزير أبيه صالح بن حمو إلى مليانة فملكها، وما بعدها من الجزائر وتدلس إلى حدود بجاية. واعتصم يوسف ابن الزابية بحصن تاحجموت. وأقام الوزير صالح يحاصره، وانقرضت دعوة بني عبد الواد من المغرب الأوسط، والله غالب على أمره.

[(وفاة أبي العباس صاحب المغرب واستيلاء أبي زيان بن أبي حمو على تلمسان والمغرب الأوسط)]

كان السلطان أبو العباس بن أبي سالم لما وصل إلى تازى، وبعث ابنه أبا فارس إلى تلمسان فملكها، وأقام هو بتازى يشارف أحوال ابنه ووزيره صالح الّذي تقدّم لفتح البلاد الشرقية. وكان يوسف بن علي بن غانم أمير أولاد حسين من المعقل قد حجّ سنة ثلاث وتسعين وسبعمائة واتصل بملك مصر من الترك الملك الظاهر برقوق، وتقدّمت إلى السلطان فئة وأخبرته بمحلّه من قومه، فأكرم تلقّيه وحمله بعد قضاء حجّة هدية إلى صاحب المغرب، يطوقه فيها بتحف من بضائع بلده على عادة الملوك.

فلمّا قدم بها يوسف على السلطان أبي العباس عظم موقعها، وجلس في مجلس جعله لعرضها والمباهاة بها، وشرع في المكافأة عنها بتخيّر الجياد والبضائع والثياب، حتى استكمل من ذلك ما رضيه، واعتزم على إنفاذها مع يوسف بن علي حاملها الأول.

وأنه يرسله من تازى أيام مقامته هناك، فطرقه هنالك مرض كان فيه حتفه في محرم

<<  <  ج: ص:  >  >>