للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويرصّعونه بالفصوص من الياقوت والفيروزج والزّمرّد ويلبسه السّلطان شارة في عرفهم كما كانت البردة والقضيب في الدّولة العبّاسيّة والمظلّة في الدّولة العبيديّة والله مصرّف الأمور بحكمه.

[الطراز:]

من أبّهة الملك والسّلطان ومذاهب الدّول أن ترسم أسماؤهم أو علامات تختصّ بهم في طراز أثوابهم المعدّة للباسهم من الحرير أو الدّيباج أو الإبريسم تعتبر كتابة خطّها في نسج الثّوب إلحاما وإسداء بخيط الذّهب أو ما يخالف لون الثّوب من الخيوط الملوّنة من غير الذّهب على ما يحكمه الصّنّاع في تقدير ذلك ووضعه في صناعة نسجهم فتصير الثّياب الملوكيّة معلمة بذلك الطّراز قصد التّنويه بلابسها من السّلطان فمن دونه أو التّنويه بمن يختصّه السّلطان بملبوسه إذا قصد تشريفه بذلك أو ولايته لوظيفة من وظائف دولته وكان ملوك العجم من قبل الإسلام يجعلون ذلك الطّراز بصور الملوك وأشكالهم أو أشكال وصور معيّنة لذلك ثمّ اعتاض ملوك الإسلام عن ذلك بكتب أسمائهم مع كلمات أخرى تجري مجرى الفأل أو السّجلّات وكان ذلك في الدّولتين من أبّهة الأمور وأفخم الأحوال وكانت الدّور المعدّة لنسج أثوابهم في قصورهم تسمّى دور الطّراز لذلك وكان القائم على النّظر فيها يسمّى صاحب الطّراز، ينظر في أمور الصّباغ والآلة والحاكة فيها وإجراء أرزاقهم وتسهيل آلاتهم ومشارفة أعمالهم وكانوا يقلّدون ذلك لخواصّ دولتهم وثقات مواليهم وكذلك كان الحال في دولة بني أميّة بالأندلس والطّوائف من بعدهم وفي دولة العبيديّين بمصر ومن كان على عهدهم من ملوك العجم بالمشرق ثمّ لمّا ضاق نطاق الدّول عن التّرف والتّفنّن فيه لضيق نطاقها في الاستيلاء وتعدّدت الدّول تعطّلت هذه الوظيفة والولاية عليها من أكثر الدّول بالجملة ولمّا جاءت دولة الموحّدين بالمغرب بعد بني أميّة أوّل المائة السّادسة لم يأخذوا بذلك أوّل دولتهم لما كانوا عليه من منازع الدّيانة والسّذاجة الّتي لقّنوها عن إمامهم محمّد بن تومرت المهديّ وكانوا يتورّعون عن لباس

<<  <  ج: ص:  >  >>