وأما بنو سبا بن يقطن فلم يبيدوا، وكان لهم بعد تلك الأجيال البائدة أجيال باليمن منهم حمير وكهلان وملوك التبابعة وهم أهل الطبقة الثانية. وفي مسند الإمام أحمد:
أنّ رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل هو فروة بن مسيك المرادي عن سبا أرجل هو أو امرأة أم أرض؟ فقال بل رجل ولد عشرة فسكن اليمن منهم ستة والشام أربعة. فأمّا اليمانيّون فمذ حج وكندة والأزد والأشعر وأنمار وحمير. وأما الشاميّون فلخم وجذام وعاملة وغسّان. وثبت أن أباهم قحطان كان يتكلم بالعربية ولقنها عن الأجيال قبله فكانت لغة بنيه ولذلك سمّوا العرب المستعربة ولم يكن في آباء قحطان من لدى نوح عليه السلام إليه من يتكلم بالعربية، وكذلك كان أخوه فالغ، وبنوه إنما يتكلمون بالعجمية، إلى أن جاء إسماعيل بن إبراهيم صلوات الله عليهما فتعلم العربية من جرهم فكانت لغة بنيه وهم أهل الطبقة الثالثة المسمّون بالعرب التابعة للعرب. فلنذكر هذا النسب لينتظم أجياله مع الأجيال السابقة واللاحقة ونستوفي أنساب الأمم منها.
الخبر عن إبراهيم أبي الأنبياء عليهم السلام ونسبه الى فالغ بن عابر وذكر أولاده صلوات الله عليهم وأحوالهم
ولنذكر الآن أهل هذا النسب ما بين إسماعيل ونوح عليهما السلام ومن كان منهم، أو من إخوانهم أو أبنائهم من الأنبياء والشعوب والملوك وما كان لإسماعيل صلوات الله عليه من الولد. ونختم هذه الطبقة الأولى بذكرهم، وإن كانوا عجما في لغاتهم، إلّا أنهم أصون الخليقة في أنسابهم، وكل البشر على بعض الآراء من أعقابهم، وهم مع ذلك معاصرون لهذه الطبقة، فيتسق الكلام فيهم على شرط كتابنا، ويتميز بذكر أخبارهم أحوال الطبقات التي بعدهم على الوفاء والكمال.
فنبدأ أولا بذكر عمود هذا النسب على التوالي، ثم نرجع إلى أخبارهم. وإسماعيل صلوات الله عليه هو ابن إبراهيم بن آزر وهو تارح وآزر اسم لصنمه لقّب به ابن ناحور بن ساروخ بالخاء أو بالغين ابن عابر أو عنبر بن شالح أو شليخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح. وهذه الأسماء الأعجميّة كلها منقولة من التوراة، ولغتها عبرانية، ومخارج حروفها في الغالب مغايرة لمخارج الحروف العربية. وقد يجيء الحرف منها بين