قائدا واستأمن كثير من الديلم إلى تورون، ولحق ابن بويه والصهيري بالسوس. ثم عاد إلى واسط ثانية فملكها ولحق أصحاب بني البريدي بالبصرة.
[قتل ابن البريدي أخاه ثم وفاته]
كان أبو عبد الله بن البريدي قد استهلك أمواله في هذه النوائب التي تنوبه، واستقرض من أخيه أبي يوسف مرّة بعد مرّة، وكان أثرى منه ومال الجند إليه لثروته. وكان يعيب على أخيه تبذيره وسوء تدبيره. ثم نمي الخبر إليه أنه يريد المكر به، والاستبداد بالأمر. وتنكّر كل واحد منهما للآخر، ثم أكمن أبو عبد الله غلمانه في طريق أبي يوسف فقتلوه، وشغب الجند لذلك فأراهم شلوه فافترقوا، ودخل دار أخيه وأخذ ما فيها من الأموال، وجواهر نفيسة كان باعها له بخمسين ألف درهم، وكان أصلها ليحكم وهبها لبنته حين زوّجها له، وأخذ يحكم من دار الخلافة، فاحتاج إليها أبو عبد الله بعد فباعها له وبخسه أبو يوسف في قيمتها. وكان ذلك من دواعي العداوة بينهما. ثم هلك أبو عبد الله بعد مهلك أخيه بثمانية أشهر، وقام بالأمر بعده بالبصرة أخوهما أبو الحسن، فأساء السيرة في الجند فثاروا به ليقتلوه، فهرب منهم إلى هجر مستجيرا بالقرامطة، وولّوا عليهم بالبصرة أبا القاسم ابن أخيه أبي عبد الله، وأمدّ أبو طاهر القرمطيّ أبا الحسن، وبعث معه أخويه لحصار البصرة فامتنعت عليهم، وأصلحوا بين أبي القاسم وعمّه، ودخل البصرة وسار منها إلى تورون ببغداد. ثم طمع يأنس مولى أبي عبد الله في الرئاسة وداخل بعض قوّاد الديلم في الثورة بأبي القاسم، واجتمع الديلم إلى القائد وبعث أبو القاسم وليه يأنس فهمّ به ليفرد بالأمر، فهرب يأنس واختفى وتفرّق الديلم واختفى القائد. ثم قبض عليه ونفاه وقبض على يأنس بعد أيام وصادره على مائة ألف دينار، وقتله. ولما قدم أبو الحسين البريدي إلى بغداد مستأمنا إلى تورون فأمّنه وطلب الإمداد على ابن أخيه، وبذل في ذلك أموالا. ثم بعث ابن أخيه من البصرة بالأموال فأقرّه على عمله وشعر أبو الحسن بذلك فسعى عند ابن تورون في ابن شيرزاد إلى أن قبض عليه، وضرب واستظهر أبو عبد الله بن أبي موسى الهاشمي بفتاوى الفقهاء والقضاة بإباحة دم أبي الحسين، كانت عنده من أيام ناصر الدولة، وأحضروا بدار المتّقي وسئلوا عن فتاويهم، فاعترفوا بأنهم أفتوا بها، فقتل وصلب ثم أحرق ونهب داره. وكان ذلك منتصف ذي الحجة من السنة، وكان ذلك آخر أمر البريديين.