للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مرض المتوكّل ففرّ ولحق بمرند وشحنها بالأقوات، وجاءه أهل الفتنة من ربيعة وغيرهم فاجتمع له نحو ألفين ومائتي رجل، والوالي بأذربيجان يومئذ محمد بن حاتم ابن هرثمة فلم يقامعه فعزله المتوكل وولى حمدويه بن علي بن الفضل السعديّ، فسار إليه وحاصره بمرند مدّة وبعث إليه المتوكل بالمدد، وطال الحصار فلم يقن [١] فيه، فبعث بغا الشرابي في ألفى فارس فجاء لحصاره. وبعث إليه عيسى ابن الشيخ بن السلسل بالأمان له ولوجوه أصحابه أن ينزلوا على حكم المتوكل، فنزل الكثير منهم وانفض جمعه ولحق ببغا وخرج هو هاربا، ونهبت منازله وأسرت نساؤه وبناته. ثم أدرك بطريقة وأتي به أسيرا وبأخويه صقر وخالد وأبنائه حليس وصقر والبغيث، وجاء بهم بغا إلى بغداد وحملهم على الحجال [٢] يوم قدومه حتى رآهم الناس وحبسوا. ومات البغيث لشهر من وصوله سنة خمس وثلاثين وجعل بنوه في الشاكرية مع عبد الله بن يحيى خاقان.

[بيعة العهد]

وفي سنة خمس وثلاثين ومائتين عقد المتوكّل البيعة والعهد وكانوا ثلاثة محمدا وطلحة وإبراهيم، ويقال في طلحة ابن الزبير وجعل محمدا أوّلهم ولقبه المستنصر وأقطعه إفريقية والمغرب وقنّسرين والثغور الشاميّة والخزريّة، وديار مضر وديار ربيعة، وهيت والموصل وغانة والخابور، وكور دجلة والسواد والخرمين [٣] وحضرموت والحرمين [٤] والسند ومكران وقندابيل وكور الأهواز والمستغلّات بسامراء وماء الكوفة وماء البصرة. وجعل طلحة ثانيهم ولقبه المعتزّ وأقطعه أعمال خراسان وطبرستان والريّ وأرمينية وأذربيجان وأعمال فارس، ثم أضاف إليه سنة أربعين [٥] خزن الأموال ودور الضرب في جميع الآفاق وأمر أن يرسم اسمه في السكة. وجعل الثالث إبراهيم [٦] وأقطعه حمص ودمشق وفلسطين وسائر الأعمال الشامية وفي هذه السنة أمر الجند بتغيير


[١] أوقف الرجل إذا اصطاد الطير من وقته وهي محضنة.
[٢] مقتضى السياق: الجمال.
[٣] الجزرية- عانة- الحرمين: ابن الأثير ج ٧ ص ٤٩.
[٤] البحرين: المرجع السابق.
[٥] اي سنة أربعين ومائتين.
[٦] ولقبه المؤيد.

<<  <  ج: ص:  >  >>