من الأمراء بحلب بسعاية بكتمر وحاول الطباخي ذلك فتعذر عليه وبرز تدلار الى بسار فتوفي بها وأقام الآخرون وشعروا بذلك فلحقوا بقفجق النائب على حمص فآمنهم وكتب الى السلطان يشفع فيهم فأبطأ جوابه وعزله سيف الدين كرجي وعلاء الدين ايدغري من اجارتهم فاستراب وولى السلطان مكانه على دمشق جاغان فكتب الى قفجق بطلبهم فنفروا وافترق عسكره وعبر الفرات الى العراق ومعه أصحابه بعد أن قبضوا على نائب حمص واحتملوه ولحقهم الخبر بقتل السلطان لاشين وقد تورطوا في بلاد العدوّ فلم يمكنهم الرجوع ووفدوا على غازان بنواحي واسط وكان قفجق من جند التتر وأبوه من جند غازان خصوصا ولما وقعت الفتنة بين لاشين وغازان وكان فيروز أتابك غازان مستوحشا من سلطانه فكاتب لاشين في اللحاق به واطلع سلطانه على كتبه فأرسل الى قطلو شاه نائب حران فقبض على فيروز وقتله وقتل غازان أخويه في بغداد والله تعالى أعلم.
مقتل لاشين وعود الناصر محمد بن قلاون الى ملكه
كان السلطان لاشين قد فوض امر دولته الى مولاه منكوتمر فاستطال وطمع في الاستبداد ونكره الأمراء كما قدّمناه فأغرى السلطان بهم وشردهم كلّ مشرد بالنكبة والبعاد وكان سيف الدين كرجي من الجاشنكير ومقدّما عليهم كما كان قراسنقر مع الأشرف وكان جماعة المماليك معصوصبين عليه وسعى منكوتمر في نيابته على القلاع التي افتتحت من الأرمن ببلاد سيس فاستعفى من ذلك وأسرّها في نفسه وأخذ في السعاية على منكوتمر وظاهره على أمره قفجي من كبار الجاشنكيرية وكان لطقجي صهر من كبار الجاشنكيرية اسمه طنطاي أغلظ له منكوتمر يوما في المخاطبة فامتعض وفزع الى كرجي وطقجي فاتفقوا على اغتيال السلطان وقصدوه ليلا وهو يلعب بالشطرنج وعنده حسام الدين قاضي الحنفية فأخبره كرجي بغلق الأبواب على المماليك فنكره ولم يزل يتصرّف أمامه حتى ستر سيفه بمنديل طرحه عليه فلما قام السلطان لصلاة العتمة نحاها عنه وعلاه بالسيف وافتقد السلطان سيفه فتعاوروه بسيوفهم حتى قتلوه وهموا بقتل القاضي ثم تركوه وخرج كرجي الى طقجي بمكان انتظاره وقصدوا منكوتمر وهو بدار النيابة فاستجار بطقجي فأجاره وحبسه بالجبّ ثم راجعوا رأيهم واتفقوا على قتله فقتلوه وكان مقتل لاشين في ربيع سنة ثمان وتسعين وكان من موالي علي بن المعز ايبك فلما غرب للقسطنطينية تركه بالقاهرة واشتراه المنصور قلاون من القاضي بحكم البيع على الغائب بألف درهم وكان يعرف بلاشين الصغير لانه كان هناك لاشين آخر أكبر منه وكان نائبا