وطلبه في الوصول فمنعه كتبغري وأجاب بأننا في الطاعة، ومعنا العساكر وإلى أيّ جهة أراد السلطان قصدنا. فاعتزم السلطان على السير إليهم وسار من همذان في جمادى سنة ثلاث عشرة في عشرة آلاف غازيا وجاء النذير إلى كتبغري بمسيره، فأجفل هو وطغرل إلى قلعة سرجهان، وجاء السلطان إلى العسكر بزنجان فنهبه وأخذ من خزانة طغرل ثلاثمائة ألف دينار، وأقام بزنجان وتوجّه منها إلى الريّ وكتبغري من سرجهان بكنجة، وقصده أصحابه وقويت شوكته وتأكدت الوحشة بينه وبين أخيه السلطان محمود.
[الفتنة بين السلطان محمود وعمه سنجر صاحب خراسان والخطبة ببغداد لسنجر]
كان الملك سنجر أميرا على خراسان وما وراء النهر منذ أيام شقيقة السلطان محمد الأولى مع بركيارق. ولما توفي السلطان محمد جزع له جزعا شديدا حتى أغلق البلد للعزاء، وتقدّم للخطبة بذكر آثاره ومحاسن سيره من قتال الباطنية وإطلاق المكوس وغير ذلك. وبلغه ملك ابنه محمود مكانه وتغلب الأمراء عليه، فنكر ذلك واعتزم على قصد بلد الجبل والعراق، وأتى له محمود ابن أخيه، وكان يلقّب بناصر الدين فتلقّب بمعز الدين لقب أبيه ملك شاه. وبعث إليه السلطان محمود بالهدايا والتحف مع شرف الدولة أنوشروان بن خالد، وفخر الدولة طغايرك بن أكفر بن وبذل عن مازندران مائتي ألف دينار كل سنة فتجهّز لذلك، ونكر على محمود تغلّب وزيره أبي منصور وأمير حاجب عليّ بن عمر عليه، وسار وعلى مقدّمته الأمير أنز، وجهّز السلطان محمود عليّ بن عمر حاجبه وحاجب أبيه في عشرة آلاف فارس، وأقام هو بالري.
فلما قارب الحاجب مقدّمة سنجر مع الأمير أنز بجرجان راسله باللين والخشونة، وأنّ السلطان محمد أوصانا بتعظيم أخيه سنجر واستحلفنا على ذلك إلا أنّا لا نقضي على زوال ملكنا. ثم تهدّده بكثرة العساكر وقوّتها فرجع أنز عن جرجان، واتبعه بعض العساكر فنالوا منه. وعاد عليّ بن عمر إلى السلطان محمود فشكره، وأشار عليه أصحابه بالمقام بالريّ فلم يقبل. ثم ضجر وسار إلى حرقان [١] وتوافت إليه الأمداد من العراق، منكبرس شحنة بغداد في عشرة آلاف فارس، ومنصور أخو دبيس وأمراء