للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقنع. فظهر بخراسان وادّعى الإلهيّة واتخذ وجها من ذهب فجعله على وجهه فسمّي المقنّع، وأنكر قتل يحيى بن زيد وزعم أنه يأخذ بثأره، وتبعه خلق عظيم من الناس وكانوا يسجدون له. وتحصّن بقلعة بسّام [١] من رساتيق كشّ وكان قد ظهر بخارى والصغد جماعة من المبيّضة فاجتمعوا معه على الخلاف، وأعانهم كفّار الأتراك وأغاروا على المسلمين من ناحيتهم، وحاربهم أبو النعمان والجنيد وليث بن نصر بن سيّار، فقتلوا أخاه محمد بن نصر وحسّان ابن أخيه تميم. وأنفذ المهدي إليهم جبريل بن يحيى وأخاه يزيد لقتال المبيّضة فقاتلوهم أربعة أشهر في بعض حصون بخارى وملكوه عنوة، فقتل منهم سبعمائة ولحق فلّهم بالمقنّع وجبريل في اتباعهم. ثم بعث المهديّ أبا عون لمحاربة المقنع فلم يبالغ في قتاله فبعث معاذ بن مسلم في جماعة القواد والعساكر وعلى مقدمته سعيد الحريشيّ، وأتاه عقبة بن مسلم من ذمّ فاجتمعوا بالطواويس وأوقعوا بأصحاب المقنّع فهزموهم، ولحق فلّهم بالمقنع في بسّام فتحصنوا بها. وجاء معاذ فنازلهم وفسد ما بينه وبين الحريشيّ، فكتب الحريشيّ إلى المهدي بالسعاية في معاذ ويضمن الكفاية إن أفرد بالحرب، فأجابه المهديّ إلى ذلك وانفرد بحرب المقنّع وأمدّه معاذ بابنه وجاءوا بآلات الحرب حتى طلب أصحاب المقنّع الأمان سرّا فأمّنهم، وخرج إليه ثلاثون ألفا وبقي معه زهاء ألفين، وضايقوه بالحصار فأيقن بالهلاك وجمع نساءه وأهله فيقال سقاهم السمّ، ويقال بل أحرقهم وأحرق نفسه بالنار ودخلوا القلعة وبعث الحريشيّ برأس المقنّع إلى المهدي فوصل إليه بحلب سنة ثلاث وتسعين.

[الولاة أيام المهدي]

وعزل المهدي سنة تسع وخمسين عمه إسماعيل عن الكوفة وولّى عليها إسحاق بن الصفّاح الكندي ثم الأشعي، وقتل عيسى بن لقمان بن محمد بن صاحب الجمحيّ وعزل سعيد بن دعلج عن أحداث البصرة وعبيد الله بن الحسن عن الصلاة، وولّى مكانهما عبد الملك بن أيوب بن طيبان الفهيري. ثم جعل الأحداث إلى عمارة بن حمزة فولاها للسود بن عبد الله الباهليّ. وعزل قثم بن العبّاس عن اليمامة وولّى مكانه الفضل بن صالح، وعزل مطرا مولى المنصور عن مصر


[١] قلعة بسنام: ابن الأثير ج ٦ ص ٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>