للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البطروجي من لبلة [١] وبلغ الخبر عبد المؤمن فبعث إليها عسكرا من الموحدين لنظر يحيى بن يغمور في طلب الأمان من عبد المؤمن. ثم تلاحقوا به بمراكش فتقبّلهم وصفح لهم ونهض إلى مدينة سلا سنة خمس وأربعين وخمسمائة واستدعى منها أهل الأندلس فوفدوا عليه وبايعوه جميعا، وبايعه الرؤساء من الثوّار على الانخلاع من الأمر مثل سدراتي بن وزير صاحب باجة، وباثورة [٢] والبطروجي صاحب لبلة، وابن عزرون صاحب شريش ورندة وابن الحجّام صاحب بطليوس، وعامل بن مهيب صاحب طلبيرة، وتخلّف ابن قيسي وأهل شلب عن هذا الجمع فكان سببا لقتله من بعد. ورجع عبد المؤمن إلى مراكش وانصرف أهل الأندلس إلى بلادهم واستصحب الثّوار فلم يزالوا بحضرته والله تعالى أعلم.

[(فتح افريقية وشئونها)]

ثم بلغ عبد المؤمن ما هي عليه إفريقية من اختلاف الأمراء واستطالة العرب عليها بالعيث والفساد، وأنهم حاصروا مدينة القيروان، وأنّ موسى بن يحيى الرياحي المرداسي دخل مدينة باجة وملكها، فأجمع الرحلة إلى غزو إفريقية بعد أن شاور الشيخ أبا حفص وأبا إبراهيم وغيرهما من المشيخة فوافقوه. وخرج من مراكش في أواخر سنة ست وأربعين وخمسمائة موريا بالجهاد حتى انتهى إلى سبتة واستوضح أحوال أهل الأندلس، ثم رحل عن سبتة موريا بمراكش، وأغذّ السير إلى باجة فدخل الجزائر على حين غفلة، وخرج إليه الحسن بن عليّ صاحب المهديّة، فصحبه واعترضه جيوش صنهاجة بأمّ العلو فهزمهم وصبح بجاية من الغد فدخلها.

وركب يحيى بن العزيز البحر في أسطولين كان أعدّهما لذلك، واحتمل فيهما ذخائره وأمواله والحق بقسنطينة إلى أن نزل بعد ذلك منها على أمان عبد المؤمن. واستقرّ


[١] اسمها القديم Ilipla:وهي من أعمال أونبة تبعد عن إشبيليّة ٦٥ كلم استرجعها الاذفونش العاشر سنة ١٢٥٧ وهي موطن العائلة الفاسية ومنها نزحوا الى مالقة ثم إلى إشبيليّة، ثم الى فاس، وكانوا يحملون بالأندلس اسم بني الجد (البيّنة/ ٢٩- ٣٠) .
[٢] وفي نسخة أخرى: يابورة.

<<  <  ج: ص:  >  >>