كمستكين في المحنة وطمع فيها وساروا اليها وحاصروها وصانعهم الصالح بالمال فرجعوا عنها وبعث هو عساكره اليها وقد جهدهم الحصار فسلموها له وولىّ عليها والله تعالى أعلم.
[وفاة الصالح إسماعيل واستيلاء ابن عمه عز الدين مسعود على حلب]
ثم توفي الملك الصالح إسماعيل بن نور الدين محمود صاحب حلب في منتصف سنة سبع وسبعين لثمان سنين من ولايته وعهد بملكه لابن عمه عز الدين صاحب الموصل واستحلف أهل دولته على ذلك بعضهم بعماد الدين صاحب سنجار أخي عز الدين الأكبر لمكان صهره على أخت الصالح وأن أباه نور الدين كان يميل اليه فأبي وقال عز الدين أنا أقدر على مدافعة صلاح الدين عن حلب فلما قضى نحبه أرسل الأمراء بحلب الى عز الدين مسعود يستدعونه [١] هو ومجاهد الدين قايماز الى الفرات ولقي هنالك أمراء حلب وجاءوا معه فدخلها آخر شعبان من السنة وصلاح الدين يومئذ بمصر بعيدا عنهم وتقي الدين عمر ابن أخيه في منبج فلما أحس بهم فارقها الى حماة وثار به أهل حماة ونادوا بشعار عز الدين وأشار أهل حلب عليه بقصد دمشق وبلاد الشام وأطمعوه فيها فأبى من أجل العهد الّذي بينه وبين صلاح الدين ثم أقام بحلب شهورا وسار عنها الى الرقة والله تعالى أعلم.
[استيلاء عماد الدين على حلب ونزوله عن سنجار لأخيه عز الدين]
ولما انتهى عز الدين الى الرقة منقلبا من حلب وافقه هنالك رسل أخيه عماد الدين صاحب سنجار يطلب منه أن يملكه مدينة سنجار وينزل هو له عن حلب فلم يجبه الى ذلك فبعث عماد الدين اليه بأنه يسلم سنجار الى صلاح الدين فحمل الأمراء حينئذ على معارضته على سنجار وتحمّسهم له ولم يكن لعز الدين مخالفا لتمكنه في الدولة وكثرة بلاده وعساكره فأخذ سنجار من أخيه عماد الدين وأعطاه حلب وسار اليها عماد الدين وملكها وسهل أمره على صلاح الدين بعد ان كان متخوّفا من عز الدين على دمشق والله سبحانه وتعالى أعلم.
[١] كذا بياض بالأصل، وفي الكامل ج ١١ ص ٤٧٣: الى أتابك عز الدين يستدعونه الى حلب فسار هو ومجاهد الدين قايماز الى الفرات.