ملكه وكان فاضلا شافعيّ المذهب وجمع الكتب من سائر الأمصار فاشتملت خزانته على مائة ألف مجلد وكان يتفقد العلماء بصلاته ويبعث لابن دقيق العيد فقيه الشافعية بمصر جوائزه ولما توفي المؤيد داود سنة إحدى وعشرين كما قلناه قام بملكه ابنه المجاهد سيف الدين علي ابن اثنتي عشرة سنة والله وارث الأرض ومن عليها.
[ثورة جلال الدين بن عمر الأشرف وحبسه]
ولما ملك المجاهد علي شغل بلذاته وأساء السيرة في أهل المناصب الدينية بالعزل والاستبدال بغير حق فنكره أهل الدولة وانتقض عليه جلال الدين ابن عمه عمر الأشرف وزحف إليه وكانت بينهما حروب ووقائع كان النصر فيها للمجاهد وغلب على جلال الدين وحبسه والله تعالى أعلم.
[ثورة جلال الدين ثانيا وحبس المجاهد وبيعة المنصور أيوب بن المظفر يوسف]
وبعد أن قبض المجاهد على جلال الدين ابن عمه الأشرف وحبسه لم يزل مشتغلا بلهوه عاكفا على لذاته وضجر منه أهل الدولة وداخلهم جلال الدين في خلعه فوافقوه فرحل إلى [١] سنة اثنتين وعشرين فخرج جلال الدين من محبسه وهجم عليه في بعض البساتين وفتك بحرمة وقبض عليه وبايع لعمه المنصور أيوب بن المظفر يوسف واعتقل المجاهد عنده في نفر وأطلق جلال الدين ابن عمه والله تعالى أعلم بغيبه.
[١] بياض بالأصل، وفي تاريخ أخبار البشر ج ٤ ص ٩١ وفيها سنة ٧٢٢ ليلة الثلاثاء في ذي الحجة توفي بمرض ذات الجنب بتعز الملك المؤيد هزبر الدين داود بن المظفر يوسف بن عمر بن علي بن رسول، فاتفق أرباب الدولة وأقاموا ولده علي ولقب بالملك المجاهد سيف الإسلام بن داود المذكور، وهو إذ ذاك أول ما قد بلغ. ثم خرج عليه عمه الملك المنصور أيوب ولقبه زين الدين أخو داود في سنة اثنتين وعشرين وسبعمائة فملك اليمن واعتقل ابن أخيه سيف الإسلام. وقعد المنصور في مملكة اليمن دون ثلاثة أشهر، ثم هجم من العسكر وأخرجوا سيف الإسلام وأعادوه إلى ملك اليمن واعتقلوا عمه المنصور أيوب، وبقي أمر مملكة اليمن مضطربا غير منتظم الأحوال.