للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الخبر عن شأن أبي ثابت وإيقاع بني مرين به بوادي شلف وتقبض الموحدين عليه بجاية]

لما أوقع السلطان ببني عبد الواد بأنكاد، وتقبّض على أبي سعيد سلطانهم، خلص أبو ثابت أخوه في فلّ منهم، ومرّ بتلمسان، فاحتمل حرمهم ومخلفهم، وأجفل إلى الشرق، فاحتل بشلف من بلاد مغراوة وعسكر هنالك. واجتمع إليه أوشاب من زناتة، وحدّث نفسه باللقاء، ووعدها بالصبر والثبات، وسرّح السلطان وزيره فارس بن ميمون بن ودرار في عساكر بني مرين والجند، فأغذ السير إليهم وارتحل من تلمسان على أثره، ولما تراءى الجمعان صدق الفريقان المجاولة، وخاضوا النهر بالقراع. ثم صدق بنو مرين الحملة واجتازوا النهر إليهم، فانكشفوا واتبعوا آثارهم واستلحموهم، واستباحوا معسكرهم واستاقوا أموالهم ودوابهم ونساءهم، وارتحلوا في اتباعهم، وكتب الوزير بالفتح إلى السلطان، ومرّ أبو ثابت بالجزائر طارقا، وأجاز إلى قاصية المشرق، فاعترضهم قبائل زواوة وأرجلوهم عن خيلهم، وانتهبوا أسلابهم، ومرّوا حفاة عراة، واحتل الوزير بالجزائر، واستولى عليها واقتضى بيعة السلطان منهم فآتوها، واحتل الوزير بالمدية وأوعز إلى أمير بجاية المولى أبي عبد الله حافد مولانا الأمير أبي يحيى مع وليّه ونزمار وخالصته يعقوب بن علي بالتقبّض على أبي ثابت وأشياعه فأذكوا العيون عليهم وقعدوا لهم بالمرصاد، وعثر بعض الحشم على أبي ثابت وأبي زيّان ابن أخيه أبي سعيد ووزيرهم يحيى بن داود، فرفعوهم إلى الأمير ببجاية، فاعتقلهم وارتحل للقاء السلطان بالمدية وبعثهم مع مقدّمته، وجاء على أثرهم ونزل على السلطان بمعسكره من المدية خير نزل، بعد أن تلقّاه بالمبرّة والاحتفاء، وركب للقائه، ونزل عن فرسه للسلطان، فنزل السلطان برّا له، وأودع أبا ثابت السجن. وتوافت إليه وفود الزواودة بمكانه من المدية، فأكرم وفدهم وأسنى أعطياتهم من الخلع والحملان والذهب، وانقلبوا خير منقلب، ووافته بمكانه ذلك بيعة ابن مزني عامل الزاب ووفدهم، فأكرمهم ووصلهم. وفرغ السلطان من شأن المغرب الأوسط، وبثّ العمّال في نواحيه، وثقف أطرافه، وسما إلى ملك إفريقية كما نذكره إن شاء الله تعالى

.

<<  <  ج: ص:  >  >>