الكامل بمصر فبادر لؤلؤ الى عسكر الأشرف الذين بنصيبين واستدعاهم فجاءوا الى الموصل منتصف سنة عشر وستمائة وعليهم ايبك مولى الأشرف فاستقلهم لؤلؤ ورآهم مثل عسكره الذين بالشام أو دونهم وألحّ ايبك على عبور دجلة الى اربل فمنعه أياما فلما أصرّ عبر لؤلؤ معه ونزلوا على فرسخين من الموصل شرقي دجلة وجمع مظفر الدين زنكي وعبروا [١] الزاب وتقدّم اليهم ايبك في عسكره وأصحاب لؤلؤ وسار منتصف الليل من رجب وأشار عليه لؤلؤ بانتظار الصباح فلم يفعل ولقيهم بالليل وحمل ايبك على زنكي في المسيرة فهزمه وانهزمت ميسرة لؤلؤ فبقي في نفر قليل فتقدّم اليه مظفر الدين فهزمه وعبر دجلة الى الموصل وظهر مظفر الدين على تبريز ثلاثا ثم بلغه أنّ لؤلؤا يريد تبييته فأجفل راجعا وتردّدت الرسل بينهما فاصطلحا على كل ما بيده والله أعلم.
[وفاة صاحب سنجار وولاية ابنه ثم مقتله وولاية أخيه]
ثم توفي قطب الدين محمد بن زنكي بن مودود بن الاتابك زنكي صاحب سنجار في ثامن صفر سنة ست عشرة وستمائة وكان حسن السيرة مسلما الى نوّابه وملك بعده ابنه عماد الدين شاهين شاه واشتمل الناس عليه فملك شهورا ثم سار الى تل اعفر فاغتاله أخوه عمر ودخل اليه في جمعة فقتلوه وملك بعده وبقي مدّة الى أن تسلم منها الأشرف بن العادل مدينة سنجار في جمادى سنة سبع عشرة وستمائة والله اعلم.
[استيلاء عماد الدين على قلعة كواشي ولؤلؤ على تل أعفر والأشرف على سنجار]
كانت كواشي من أحسن قلاع الموصل وأمنعه وأعلاه ولما رأى الجند الذين بها بعد أهل العماديّة واستبدادهم بأنفسهم طمعوا في مثل ذلك وأخرجوا نواب لؤلؤ عنهم وتمسكوا بإظهار الطاعة على البعد خوفا على رهائنهم بالموصل ثم استدعوا عماد الدين زنكي وسلموا له القلعة وأقام عندهم وبعث لؤلؤ إلى مظفر الدين يذكره العهود التي لم يجز ثلمها بعد فأعرض وأرسل
[١] بياض بالأصل وفي الكامل ج ١٢ ص ٣٤٥: فلما سمع مظفر الدين ذلك جمع عسكره وسار اليهم ومعه زنكي فعبر الزاب، وسبق خبره فسمع بدر الدين فعبى أصحابه.