إلى الأشرف بحلب يستنجده فسار وعبر الفرات إلى حران وكان مظفر الدين صاحب أربل يراسل الملوك بالأطراف ويغريهم بالأشرف ويخوّفهم غائلته ولما كان بين كيكاوس بن كنجسرو صاحب الروم من الفتنة ما نذكره في أخباره وسار كيكاوس إلى حلب دعا مظفر الدين الملوك بناحيته إلى وفاق كيكاوس مثل صاحب كيفا وآمد وصاحب ماردين فأطاعوه وخطبوا له في أعمالهم ومات كيكاوس وفي نفس الأشرف منه ومن مظفر الدين ما في نفسه ولما سار الأشرف إلى حران لمظاهرة لؤلؤ راسل مظفر الدين جماعة من أمرائه مثل أحمد بن علي المشطوب وعز الدين محمد بن بدر الحميدي وغيرهما واستمالهم ففارقوا الأشرف ونازلوا دبيس تحت ماردين ليجتمعوا مع ملوك الأطراف لمدافعة الأشرف واستمال الأشرف صاحب آمد وأعطاه مدينة حالي وجبل حودي ووعده بدارا إذا ملكها فأجاب وفارقهم إليه واضطرّ آخرون منهم إلى طاعة الأشرف فانحلّ أمرهم وانفرد ابن المشطوب بمشاقة الأشرف فقصد أربل ومرّ بنصيبين فقاتله شيخ بها فانهزم إلى سنجار فأسره صاحبها وكان هواه مع الأشرف ولؤلؤ فصده ابن المشطوب عن رأيه فيهم حتى أجمع خلافه وأطلقه فجمع المفسدين وقصد البقعاء من أعمال الموصل فاكتسح نواحيها وعاد ثم سار من سنجار ثانية إلى الموصل وأرصد له لؤلؤ عسكرا فاعترضوه فهزمه واجتاز بتل أعفر من أعمال صاحب سنجار فأقاموا عليها وبعثوا إلى لؤلؤ فسار وحاصرها وملكها في ربيع سنة سبع عشرة وستمائة وأسر ابن المشطوب وجاء به إلى الموصل ثم بعث به إلى الأشرف فحبسه بحران سنين وهلك في محبسه ولما أطاع صاحب آمد الأشرف رحل من حران إلى ماردين ونزل دبيس وحاصر ماردين ومعه صاحب آمد وتردّدت الرسل بينه وبين صاحب ماردين على أن يرد عليه رأس عين وكان الأشرف قد أقطعها له على أن يحمل إليه ثلاثين ألف دينار وأن يعطي لصاحب آمد الورزني بلد [١] وانعقد الصلح بينهما وارتحل الأشرف من دبيس إلى نصيبين يريد الموصل فلقيه رسل صاحب سنجار يطلب من يتسلمها منه على أن يعوّضه الأشرف منها بالرقة بما أدركه من الخوف عند استيلاء لؤلؤ على تل أعفر ونفرة أهل دولته عنه لقتله أخاه كما ذكرناه فأجابه الأشرف وأعطاه الرقة وملك سنجار في جمادى سنة سبع عشرة وستمائة ورحل عنها بأهله وعشيرته وانقرض أمر بني زنكي منها بعد أربع وتسعين سنة والبقاء للَّه وحده.
[١] بياض بالأصل وأخطاء بالأسماء، وفي الكامل ج ١٢ ص ٣٤٣: ويأخذ منه صاحب آمد الموزر من بلد شبختان، فلم تم الصلح سار الأشرف من دنس إلى نصيبين يريد الموصل.