للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومواليهم وقوادهم، واقتتلوا يوم التروية، فانهزم الحسين وأصحابه وقتل كثير منهم، وانصرف محمد بن سليمان وأصحابه إلى مكة ولحقهم بذي طوى رجل من خراسان برأس الحسين ينادي من خلفهم بالبشارة، حتى ألقى الرأس بين أيديهم مضروبا على قفاه وجبهته، وجمعت رءوس القتلى فكانت مائة ونيفا وفيها رأس سليمان أخي المهدي ابن عبد الله، واختلط المنهزمون بالحاج. وجاء الحسن بن المهدي أبو الزفت فوقف خلف محمد بن سليمان والعبّاس بن محمد فأخذه موسى بن عيسى وقتله وغضب محمد بن سليمان من ذلك وغضب الهادي لغضبه وقبض أمواله وغضب على مبارك التركي وجعله سائس الدواب فبقي كذلك حتى مات الهادي. وأفلت من المنهزمين إدريس بن عبد الله أخو المهدي فأتى مصر وعلي يريدها، وأصبح مولى صالح بن المنصور وكان يتشيع لآل عليّ فحمله على البريد إلى المغرب ووقع بمدينة وليلة من أعمال طنجة واجتمع البريد على دعوته وقتل الهادي وأصحابه بذلك وصلبه [١] وكان لإدريس وابنه إدريس وأعقابهم حروب نذكرها بعده.

[حديث الهادي في خلع الرشيد]

كان الهادي يبغض الرشيد بما كان المهدي أبوهما يؤثره، وكان رأى في منامه أنه دفع إليهما قضيين فأورق قضيب الهادي من أعلاه وأورق قضيب الرشيد كله، وتأوّل ذلك بقصر مدّة الهادي وطول مدّة الرشيد وحسنها. فلما ولي الهادي أجمع خلع الرشيد والبيعة لابنه جعفر مكانه، وفاوض في ذلك قوّاده فأجابه يزيد بن مزيد وعلي بن عيسى وعبد الله بن مالك، وحرّضوا الشيعة على الرشيد لينقصوه ويقولوا لا نرضى به، ونهى الهادي أن يشاور بين يديه بالحرب فاجتنبه الناس، وكان يحيى بن خالد يتولّى أموره فاتهمه الهادي بمداخلته وبعث إليه وتهدّده فحضر عنده مستميتا وقال:

يا أمير المؤمنين أنت أمرتني بخدمته من بعد المهدي! فسكن غضبه وقال له في أمر الخلع فقال: يا أمير المؤمنين أنت إن حملت الناس على نكث الإيمان فيه هانت عليهم فيمن توليه، وإن بايعت بعده كان ذلك أوثق للبيعة، فصدّقه وسكت عنه،


[١] وفي الكامل لابن الأثير ج ٦ ص ٩٣: «وأفلت من المنهزمين إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن عليّ، فأتى مصر وعلى بريدها واضح مولى صالح بن المنصور، وكان شيعيا لعليّ، فحمله على البريد الى ارض المغرب، فوقع بأرض طنجة، بمدينة وليلة، فاستجاب له من بها من البربر. فضرب الهادي عنق واضح وصلبه» .

<<  <  ج: ص:  >  >>