الجاوندانيّة أصحاب جاوندان سهل، وتفسيره الدائم الباقي وتفسير خرم فرح، وكانوا يعتقدون مذاهب المجوس وفي سنة أربع عشرة خرج أبو بلال الصابي الشاري، فسرّح إليه المأمون ابنه العبّاس في جماعة من القوّاد وقتلوه. وفي سنة خمس عشرة دخل المأمون بلاد الروم بالصائفة وسار عن بغداد في المحرّم واستخلف عليها إسحاق بن إبراهيم بن مصعب وهو ابن عم طاهر، وولّاه السواد وحلوان وكور دجلة، ولما وصل تكريت لقيه محمد بن عليّ الرضا فأجازه وزفّ إليه ابنته أمّ الفضل، وسار إلى المدينة فأقام بها وسار المأمون على الموصل إلى منبج ثم دابق، ثم أنطاكية ثم المصيصة وطرطوس. ودخل من هناك فافتتح حصن قرّة عنوة وهدمه.
وقيل بل فتحه على الأمان، وفتح قبله حصن ماجد كذلك. وبعثه أشناس إلى حصن سدس، ودخل ابنه العبّاس ملطية ووجه المأمون عجيفا وجعفر الخيّاط إلى حصن سنان فأطاع. وعاد المعتصم من مصر فلقي المأمون قبل الموصل، ولقيه العبّاس ابنه برأس عين. وجاء المأمون منصرفه من العراق إلى دمشق، ثم بلغه أنّ الروم أغاروا على طرطوس والمصيصة وأثخنوا فيهم بالقتل. وكتب إليه ملك الروم فيه بنفسه فرجع إليهم وافتتح كثيرا من معاقلهم وأناخ على هرقلة حتى استأمنوا وصالحوه، وبعث المعتصم فافتتح ثلاثين حصنا منها مطمورة، وبعث يحيى بن أكثم فأثخن في البلاد وقتل وحرق وسبى. ثم رجع المأمون إلى كيسوم فأقام بها يومين ثم ارتحل إلى دمشق.
وفي سنة سبع عشرة رجع المأمون إلى بلاد الروم فأناخ على لؤلؤة فحاصرها مائة يوم، ثم رحل عنها وخلّف عجيفا على حصارها. وجاء نوفل ملك الروم فأحاط به فبعث إليه المأمون بالمدد فارتحل نوفل واستأمن أهل لؤلؤة إلى عجيف، وبعث نوفل في المهادنة والمأمون على سلوين فلم يجبه. ثم رجع المأمون سنة ثمان عشرة وبعث ابنه العبّاس إلى بناء طوانة فبنى بها ميلا في ميل ودورها أربعة فراسخ، وجعل لها أربعة أبواب ونقل إليها الناس من البلدان.
[وفاة المأمون وبيعة المعتصم]
ثم مرض المأمون على نهر البربرون واشتدّ مرضه ودخل العراق وهو مريض فمات بطرسوس وصلّى عليه المعتصم وذلك لعشرين سنة من خلافته، وعهد لابنه المعتصم وهو أبو إسحاق محمد فبويع له بعد موته، وذلك منتصف رجب من سنة ثمان عشرة