أهل ورثان يخبرهم بوصوله فأخرج العدوّ عنهم ووصل إليهم الحريشيّ. ثم اتبع العدوّ إلى أردبيل وجاءه بعض عيونه بأنّ عشرة آلاف من عسكرهم على أربعة فراسخ منه ومعهم خمسة آلاف بيت من المسلمين أسارى وسبايا، فبيتهم وقتلهم أجمعين ولم ينج منهم أحد واستنقذ المسلمين منهم. وسار إلى باجروان فجاءه عين آخر ودله على جمع منهم فسار إليهم واستلحمهم أجمعين واستنقذ من معهم من المسلمين، وكان فيهم أهل الجرّاح وولده فحملهم إلى باجروان. ثم زحف إليهم جموع الخزر مع ابن ملكهم والتقوا بأرض زرند، واشتدّ القتال والسبي من معسكر الكفّار فبكى المسلمون رحمة لهم وصدقوا الحملة، فانهزم الكفّار واتبعهم المسلمون إلى نهر أرس وغنموا ما كان معهم من الأموال واستنقذوا الأسرى والسبايا وحملوهم إلى باجروان. ثم تناصر الخزر في ملكهم ورجعوا فنزلوا نهر البيلقان واقتتلوا قتالا شديدا. ثم انهزموا فكان من غرق أكثر ممن قتل وجمع الحريشيّ الغنائم وعاد إلى باجروان فقسّمها وكتب إلى هشام بالفتح. واستقدمه وولّى أخاه مسلمة على أرمينية وأذربيجان.
[وقعة الشعب بين الجنيد وخاقان]
وخرج الجنيد سنة اثنتي عشرة ومائة من خراسان غازيا إلى طخارستان وبعث إليها عمارة ابن حزيم في ثمانية عشر ألفا، وبعث إبراهيم بن سام الليثي في عشرة آلاف إلى وجه آخر وحاشتك الترك [١] وزحف بهم خاقان إلى سمرقند وعليها سورة بن أبجر فكتب إلى الهند مستغيثا فأمر الجنيد بعبور النهر فقال له المجشر بن مزاحم السلمي وابن بسطام الأزدي: إن الترك ليسوا كغيرهم وقد مزقت جندك فسلّم ابن عبد الرحمن بالنبراود والبختري بهراة وعمارة بن حزيم بطخارستان ولا تعبر النهر في أقل من خمسين الفا. فاستقدم عمارة وأمهل فقال: أخي على سورة وعبر الجنيد فنزل كشّ وتأهب للسير. وغوّر الترك الآبار في طريق كشّ وسار الجنيد على التعبية واعترضه خاقان ومعه أهل الصغد وفرغانة والشاش، وحملوا على مقدّمته، وعليها عثمان بن عبد الله بن الشخّير فرجعوا والترك في أتباعهم ثم حملوا على المدينة وأمدّهم الجنيد
[١] العبارة غير واضحة والأسماء مختلفة عن بعض المراجع وفي الكامل لابن الأثير ج ٥ ص ١٦٢: «فوجه عمارة بن حريم إلى طخارستان في ثمانية عشر الفا، ووجه إبراهيم بن بسّام الليثي في عشرة الاف إلى وجه آخر، وجاشت الترك....»