أمرا وتحالفا على ذلك واجتمعا لحرب ابن جهير وبعث السلطان الأمير ارتق بن أكسك في العساكر مددا لابن جهير فجنح ابن جهير الى الصلح وبادر أرتق الى القتال فهزم العرب والأكراد وغنم معسكرهم ونجا مسلم بن قريش الى آمد وأحاطت به العسكر فلما اشتدّ مخنقه راسل الأمير أرتق في الخروج على مال بذله له فقبله وكانت له حراسة الطريق فخرج الى الرقة وسار ابن جهير الى ميافارقين وفارقه منصور بن مزيد وابنه صدقة فعاد منها الى خلاط ولما بلغ السلطان انحصار مسلم في آمد بعث عميد الدولة في جيش كثيف الى الموصل ومعه آقسنقر قسيم الدولة الّذي أقطعه بعد ذلك حلب وساروا الى الموصل فلقيهم أرتق ورجع معهم ولما نزلوا على الموصل بعث عميد الدولة الى أهلها بالترغيب والترهيب فأذعنوا واستولى عليها وجاء السلطان في عساكره الى بلاد مسلم بن قريش وقد خلص من الحصار وهو مقيم قبالة الرحبة فبعث اليه مؤيد الكتاب ولا طف السلطان واسترضاه ووفد اليه بالقوارح وردّه السلطان الى أعماله وعاد لحرب أخيه تتش الّذي ذكرناه آنفا.
[فتح سليمان بن قطلمش انطاكية والخبر عن مقتله ومقتل مسلم ابن قريش واستيلاء تتش على حلب]
كان سليمان بن قطلمش بن إسرائيل بن سلجوق قد ملك قرسة واقتصروا أعمالها من بلاد الروم الى الشأم وكانت انطاكية بيد الروم من سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة وكان ملكها لعهده الفردروس فأساء السيرة الى جنده ورعاياه وتنكر لابنه وحبسه فداخل الشحنة في تمكين سلمان من البلد فاستدعوه سنة سبع وسبعين فركب إليها البحر وخرج الى البرّ في أقرب السواحل اليها في ثلاثمائة ألف فارس ورجل كثير وسار في جبال واوعار فلما انتهى الى السور وأمكنه الشحنة من تسلم السور دخل البلد وقاتل أهلها فهزمهم وقتل كثيرا منهم ثم عفا عنهم وملك القلعة وغنم من أموالهم ما لا يحصى وأحسن الى أهلها وأمر لهم بعمارة ما خرب وأرسل الى السلطان ملك شاه بالفتح ثم بعث اليه مسلم بن قريش يطلب منه ما كان يحمل اليه الفردروس ملك انطاكية من المال ويخوفه معصية السلطان فأجابه بتقرير الطاعة للسلطان وبأنّ الجزية لا يعطيها مسلم فسار مسلم ونهب نواحي انطاكية فنهب سليمان نواحي حلب ثم جمع سليمان العرب والتركمان وسار لنواحي انطاكية ومعه جماهير التركمان وجمع سليمان كذلك والتقيا آخر صفر سنة ثمان وسبعين وانحاز جقّ الى سليمان فانهزمت العرب وقتل مسلم وسار سليمان بن قطلمش الى حلب وحاصرها فامتنعت عليه وأرسل اليه ابن الحثيثي