وسبعمائة إلى ظاهر البلد الجديد بمكان الرمكة، وجاهروا بالخلعان وأقاموا الآلة وبايعوا سلطانهم عبد الحق على عيون الملأ. وعسكروا بالعدوة القصوى من سبّو تخم بلاد العسكر، وإزاء نبدورة من معاقل الحسن بن علي زعيم تلك الثورة. ثم ارتحلوا من الغد إلى تازى وخرج السلطان في أثرهم فعسكر بسبّو وتلوّم لاعتراض العساكر، وإزاحة العلل، واحتل القوم برباط تازي، وأوفدوا على موسى بن عثمان بن يغمراسن سلطان بني عبد الواد يدعونه إلى المظاهرة واتصال اليد، والمدد بالعساكر والأموال جنوحا إلى التي هي آثر لديه من تفريق كلمة عدوّه، فتثاقل عن ذلك لمكان السلم الّذي عقد له السلطان مذ أوّل الدولة، وليستبين سبيل القوم. وقدّم السلطان بين يديه يوسف بن عيسى الجشميّ، وعمر بن موسى الفودودي في جموع كتيبة من بني مرين. وسار في ساقتهم، فانكشف القوم عن تازى ولحقوا بتلمسان صرخا.
وحمد السلطان مغبّة تثاقله عن نصرهم ووجد بها الحجة عليهم، إذ غاية مظاهرته إياهم أن يملّكهم تازى، وقد انكشفوا عنها فيئسوا من صريخه. وأجاز عبد الحق بن عثمان ورحّو بن يعقوب إلى الأندلس، فأقام رحّو بها إلى أن قتله أولاد ابن أبي العلاء، ورجع الحسن بن علي إلى مكانه من قبيله ومحلّه من مجلس السلطان بعد أن اقتضى عهده بالأمان على ذلك. ولما احتلّ السلطان بتازى حسم الداء ومحا أثر الشقاق، وأثخن في حاشية الخوارج وذويهم بالقتل والسبي. ثم اعتلّ أثناء ذلك وهلك لليال من اعتلاله سلخ جمادى الأخيرة من سنة عشر وسبعمائة ووري بصحن الجامع الأعظم من تازى، وبويع السلطان أبو سعيد، كما نذكره إن شاء الله.
[(الخبر عن دولة السلطان أبي سعيد وما كان فيها من الأحداث)]
لما هلك السلطان أبو الربيع بتازى تطاول للأمر عمّه عثمان ابن السلطان أبي يعقوب المعروف بأمّه قضنيت [١] . واستام المنصب وأسدى في ذلك وألحم. وحضر الوزراء والمشيخة بالقصر بعد هدء من الليل، وأثاروا شيخ القرابة يومئذ وكبير الأعياص
[١] كذا في النسخة الباريسية وفي النسخة المصرية: قضيب.