كان السريّ بن محمد بن الحكم واليا على مصر وتوفي سنة خمس ومائتين، وبقي ابنه عبد الله، فانتقض وخلع الطاعة وأنزل بالإسكندرية جالية من الأندلس أخرجهم الحكم بن هشام من ربضي قرطبة وغرّبهم إلى المشرق. ولما نزلوا بالإسكندرية ثاروا وملكوها وولّوا عليهم أبا حفص عمر البلوطي. وفشل عبد الله بن طاهر عنهم بمحاربة نصر بن شيث، فلما فرغ منه ثار من الشام إليهم، وقدّم قائدا من قوّاده ولقيه ابن السريّ وقاتله وأغذّ ابن طاهر المسير فلحقهم وهم في القتال، وانهزم ابن السريّ إلى مصر وحاصره عبد الله بن طاهر حتى نزل على الأمان، وذلك سنة عشرة. ثم بعث إلى الجالية الذين ملكوا الاسكندرية بالحرب، فسألوا الأمان على أن يرتحلوا إلى بعض الجزائر في بحر الروم مما يلي الاسكندرية ففعل. ونزلوا جزيرة أقريطش واستوطنوها وأقامت في مملكة المسلمين من أعقابهم دهرا إلى أن غلب عليها الإفرنجة.
العمّال بالنواحي
لما استقرّ المأمون ببغداد وسكن الهيج وذلك سنة أربع، ولّى على الكوفة أخاه أبا عيسى، وعلى البصرة أخاه صالحا، وعلى الحرمين عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن العبّاس بن عليّ بن أبي طالب، وعلى الموصل السيّد بن أنس الأزدي، وولّى على الشرطة ببغداد ومعاون السواد طاهر بن الحسين استقدمه من الرقّة، وكان الحسن بن سهل ولّاه عليها فقدم واستخلف ابنه عبد الله عليها. ثم ولّاه المأمون سنة خمس خراسان وأعمال المشرق كلّها واستقدم ابنه عبد الله فجعله على الشرطة ببغداد مكان أبيه. وولّى يحيى بن معاذ على الجزيرة وعيسى بن محمد بن أبي خالد على أرمينية وأذربيجان ومحاربة بابك. ومات عامل مصر السري بن محمد بن الحكم فولّى ابنه عبيد الله مكانه. ومات داود بن يزيد عامل السند فولّى بشر بن داود مكانه على أن يحمل ألف ألف درهم كل سنة. ثم مات يحيى بن معاذ سنة ست واستخلف ابنه أحمد فعزله المأمون وولّى مكانه عبد الله بن طاهر وضاف إليه مصر، وسيّره لمحاربة نصر بن شيث وولّى عيسى بن يزيد الجلودي محاربة الزطّ سنة خمس، ثم عزله سنة ست وولّى داود بن منحور [١] مع أعمال البصرة وكور دجلة واليمامة والبحرين، وولّى
[١] داود بن ماسحور: ابن الأثير ج ٦ ص ٣٧٩، وفي الطبري ج ١٠ ص ٢٥٨ داود بن ماسجور.