للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحاصرها مدّة ومرض يحيى بن سليمان الأمير وفي أثنائها، فطمع إسحاق في البلد وجدّ في الحصار، واقتحمها من بعض الجهات فأخرجوه، وحملوا يحيى بن سليمان في قبّة وألقوه أمام الصفّ، واشتدّ القتال ولم يزل إسحاق يراسلهم ويعدهم حسن السيرة إلى أن أجابوه على أن يقيم بالربض فأقام أسبوعا، ثم حدثت ممن بايعه بعض الفعلات فوثبوا به وأخرجوه، واستقرّ يحيى بن سليمان بالموصل.

[حروب ابن واصل بفارس]

قد تقدّم لنا وثوب محمد بن واصل بن إبراهيم التميمي بالحرث بن سيما عامل فارس وتغلبه عليها سنة ست وخمسين، فلما بلغ ذلك إلى المعتمد أضاف فارس إلى عبد الرحمن بن مفلح وبعثه إلى الأهواز وأمدّه بطاشتمر، وزحفوا من الأهواز إلى ابن واصل سنة إحدى وستين، فسار معهم من فارس ومعه أبو داود العلوس [١] ولقيهم برام هرمز فهزمهم وقتل طاشتمر وأسر ابن مفلح وغنم عسكرهم. وبعث إليه المعتمد في إطلاق ابن مفلح فقتله خفية، وسار لحرب موسى بن بغا بواسط، وانتهى إلى الأهواز وبها إبراهيم بن سيما في جموع كثيرة. ولما رأى موسى بن بغا اضطراب هذه الناحية استعفى المعتمد من ولايتها فأعفاه، وكان عند انصراف ابن مفلح عن الأهواز إلى فارس قد ولّى مكانه بالساج وأمره بمحاربة الزنج، فبعث صهره عبد الرحمن لذلك، فلقيه عليّ بن أبان قائد الزنج، فهزمه عليّ وقتله، وانحاز أبو الساج إلى عسكر مكرم، وملك الزنج الأهواز فعاثوا فيها. ثم عزل أبو الساج عن ذلك وولّى مكانه إبراهيم بن سيما فلم يزل بها حتى انصرف موسى بن بغا عن الأعمال كلها، ولما هزم إبراهيم بن سيما بن واصل عبد الرحمن بن مفلح وقتله طمع يعقوب الصفّار في ملك فارس، فسار من سجستان مجدّا، ورجع ابن واصل من الأهواز وترك محاربة ابن سيما، وأرسل خاله أبا بلال مرداس إلى الصفّار، وراجعه بالكتب والرسل بحبس ابن واصل رسله، ورحل بعد السير ليفجأه [٢] على بغتة، وشعر به الصفّار فقال لخاله مرداس: إنّ صاحبك قد غدر بنا! وسار إليهم وقد أعيوا وتعبوا من شدّة السير ومات أكثرهم عطشا. فلما تراءى الجمعان انهزم ابن واصل دون قتال، وغنم الصفّار ما في عسكره وما كان لابن مفلح، واستولى على بلاد فارس ورتّب بها العمّال وأوقع بأهل زمّ لأعانتهم ابن واصل، وطمع في الاستيلاء على الأهواز وغيرها.


[١] ابو داود الصعلوك: ابن الأثير ج ٧ ص ٢٧٥.
[٢] لعلها ليفاجئه.

<<  <  ج: ص:  >  >>