أعطاه إياها النّبي صلى الله عليه وسلم والمنطقة بلسانهم المفخرة، وقد كان بانويه قال لباذان ما كلمت رجلا قط أهيب عندي منه، فقال: هل معه شرط؟ قال: لا (قال الواقدي) وكتب إلى المقوقس عظيم القبط يدعوه إلى الإسلام فلم يسلم.
[غزوة خيبر]
ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم غازيا إلى خيبر في بقية المحرم آخر السنة السادسة [١] وهو في ألف وأربعمائة راجل ومائتي فارس، واستخلف نميلة بن عبد الله الليثي، وأعطى راية لعليّ بن أبي طالب، وسلك على الصهباء حتى نزل بواديها إلى الرجيع، فحيل بينهم وبين غطفان وقد كانوا أرادوا إمداد يهود خيبر، فلما خرجوا ذلك قذف الله في قلوبهم الرعب لحس سمعوه من ورائهم فانصرفوا وأقاموا في أماكنهم. وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يفتح حصون خيبر حصنا حصنا فافتتح أوّلا منها حصن ناعم، وألقيت على محمود بن سلمة من أعلاه رحى فقتلته. ثم افتتح القموص حصن ابن أبي الحقيق، وأصيبت منهم سبايا كانت منهنّ صفية بنت حييّ ابن أخطب، وكانت عروسا عند كنانة بن الربيع بن أبي الحقيق فوهبها عليه السلام لدحية، ثم ابتاعها منه بسبعة أرؤس ووضعها عند أمّ سلمة حتى اعتدّت وأسلمت ثم أعتقها وتزوّجها. ثم فتح حصن الصعب بن معاذ، ولم يكن بخيبر أكثر طعاما وودكا منه. وآخر ما افتتح من حصونهم الوطيح والسلالم حصرهما بضع عشرة ليلة. ودفع إلى عليّ الراية في حصار بعض حصونهم ففتحه، وكان أرمد فتفل في عينه صلى الله عليه وسلم فبرأ.
وكان فتح بعض خيبر عنوة وبعضها وهو الأكثر صلحا على الجلاء، فقسّمها صلى الله عليه وسلم وأقر اليهود على أن يعملوها بأموالهم وأنفسهم ولهم النصف من كل ما تخرج من زرع أو تمر يقرّهم على ذلك ما بدا له، فبقوا على ذلك الى آخر خلافة عمر فبلغه أنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم قال في مرضه الّذي مات فيه:«لا يبقى دينان بأرض العرب، فأمر باجلائهم عن خيبر وغيرها من بلاد العرب» . وأخذ المسلمون ضياعهم من مغانم خيبر فتصرّفوا فيها، وكان متولي قسمتها بين أصحابها جابر بن صخر من بني
[١] هذا منقول عن مالك بناء على ان ابتداء السنة من شهر الهجرة الحقيقي وهو ربيع وعلى المشهور محرم هو أول سنة سبع كما في المواهب- قاله نصر.