للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تلمسان. ولما اتصل الخبر بوفاة السلطان بالمغرب، أغذّوا السير إلى تلمسان، وملكوا ضواحيها، وجهّز الحسن بن عمر لها عسكرا عقد عليه وعلى الحامية الذين بها لسعيد ابن موسى العجيسي من صنائع السلطان. وسرّحه إليها، وسار في جملته أحمد بن مزني فاصلا إلى عمله بعد أن وصله وخلع عليه وحمله، وسار سعيد بن موسى في العساكر إلى تلمسان، واحتل بها في صفر من سنة ستين وسبعمائة وزحف إليه جموع بني عامر وسلطانهم أبو حمّو موسى بن يوسف، فغلبوهم على الضاحية وأحجزوهم بالبلد. ثم ناجزوهم الحرب أياما، واقتحموها عليهم لليال خلون من ربيع، واستباحوا من كان بها من العسكر، وامتلأت أيديهم من أسلابهم ونهابهم. وخلص سعيد بن موسى بابن السلطان إلى حلّة صغير بن عامر فأجاره ومن جاء على أثره من قومه، وأوفد برجالات من بني عامر ينصبون [١] له الطريق أمامه إلى أن أبلغوه مأمنه من دار ملكهم، واستولى أبو حمّو على ملك تلمسان، واستأثر بالهدية التي ألفى بمودعها، كان السلطان انتقاها وبعث بها إلى صاحب برشلونة بطرة بن ألقنط وبعث إليه فيه بفرس أدهم من مقرباته بمركب ولحام مذهبين ثقيلين. فاتخذ أبو حمّو ذلك الفرس لركوبه، وصرف الهديّة في مصارفه ووجوه مذاهبه. والله غالب على أمره.

[الخبر عن نهوض الوزير مسعود بن ماسي إلى تلمسان وتغلبه عليها ثم انتقاضه ونصبه سليمان بن منصور للامر]

لما بلغ الوزير الحسن بن عمر خبر تلمسان واستيلاء أبي حمو عليها، جمع مشيخة بني مرين وأمرهم بالنهوض إليها، فأبوا عليه من النهوض بنفسه، وأشاروا بتجهيز العساكر ووعدوه مسيرهم كافة، ففتح ديوان العطاء وفرّق الأموال وأسنى الصلات وأزاح العلل، وعسكر بساحة البلد الجديد. ثم عقد عليهم لمسعود بن رحّو بن ماسي وحمل معه المال وأعطاه الآلة وسار في الألوية والعساكر. وكان في جملته منصور بن سليمان بن منصور بن أبي مالك بن يعقوب بن عبد الحق، وكان الناس يرجفون بأنّ


[١] وفي نسخة ثانية: ينفضون: نفض المكان واستنقضه إذا نظر جميع ما فيه حتى يعرفه. وعن الليث:
النفضة، بالتحريك، الجماعة يبعثون في الأرض متجسسين لينظروا هل فيها عدو أو خوف (لسان العرب) .

<<  <  ج: ص:  >  >>