للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإنه أقوى على القتال [١] ، وكان الّذي تولي كلامه الأشعث بن قيس فلم يجبه، وأقبل فنزل ومنعهم من دخول منازلهم حتى يسيروا إلى عدوّهم، فتسللوا أيام المقامة إلى البيوت وتركوا المعسكر خاليا فلما رأى عليّ ذلك دخل ثم ندبهم ثانيا فلم ينفروا، فأقام أياما ثم كلّم رؤساءهم على رأيهم والّذي يبطئ بهم فلم ينشط من ذلك إلّا القليل، فخطبهم وأغلظ في عتابهم وأعلمهم بما له عليهم من الطاعة في الحق والنصح فتثاقلوا وسكتوا.

[ولاية عمرو بن العاص مصر]

قد تقدّم لنا ما كان من اجتماع العثمانية بنواحي مصر مع معاوية بن حديج السكونيّ، وان محمد بن أبي بكر بعث إليهم العساكر من الفسطاط مع ابن مضاهم [٢] فهزموه وقتلوه، واضطربت الفتنة بمصر على محمد بن أبي بكر، وبلغ ذلك عليّا فبعث إلى الأشتر من مكان عمله بالجزيرة وهو نصيبين فبعثه على مصر وقال: ليس لها غيرك.

وبلغ الخبر إلى معاوية وكان قد طمع في مصر فعلم أنها ستتمنع بالأشتر، وجاء الأشتر فنزل على صاحب الخراج بالقلزم فمات هنالك، وقيل إنّ معاوية بعث إلى صاحب القلزم فسمّه على أن يسقط عنه الخراج وهذا بعيد. وبلغ خبر موته عليّا فاسترجع واسترحم وكان محمد بن أبي بكر لما بلغته ولاية الأشتر شق عليه فكتب عليّ يعتذر إليه وأنّه لم يولّه لسوء رأي في محمد وإنّما هو لما كان يظن فيه من الشدّة، وقد صار إلى الله ونحن عنه راضون فرضي الله عنه وضاعف له الثواب، فاصبر لعدوّك وشمّر للحرب وادع الى سبيل ربّك بالحكمة والموعظة الحسنة وأكثر من ذكر الله والاستعانة به والخوف منه يكفيك ما أهمّك ويعينك على ما ولّاك. فأجابه محمد بالرضى برأيه والطاعة لأمره، وأنه مزمع على حرابة من خالفه.

ثم لمّا كان من أمر الحكمين ما كان واختلف أهل العراق على عليّ، وبايع أهل الشام معاوية بالخلافة، فأراد معاوية صرف عمله [٣] إلى مصر لما كان يرجو من الاستعانة على حروبه بخراجها، ودعا بطانته أبا الأعور السلميّ وحبيب بن مسلمة وبسر بن


[١] وفي النسخة الباريسية: أقوى على العدو.
[٢] هو ابن مضاهم الكلبي.
[٣] وفي النسخة الباريسية: فازداد معاوية وصرف همه.

<<  <  ج: ص:  >  >>