إليه ابن رائق واستوزره ففعل على أن يقيم بمكانه ويستخلف ابن شيرزاد ببغداد. ثم سار إليهم إلى واسط فهرب ابن رائق والمقتفي إلى الموصل، وتخلّف عنهم توزون، وعاث أصحاب ابن البريدي في بغداد، فشكا له الناس. ولما وصل المقتفي ولي ابن حمدان إمرة الأمراء بمكانه، وقصدوا بغداد فهرب، وخالفه توزون إلى المقتفي وابن حمدان وملكوا بغداد. وسار سيف الدولة أمام ابن البريديّ وخرج ناصر الدولة في اتباعه، فنزل المدائن وانكشف سيف الدولة أمام ابن البريديّ حتى انتهوا إلى أخيه ناصر الدولة بالمدائن، فأمدّه ورجع فهزم ابن البريدي وغلبه على واسط فملكها، ولحق ابن البريدي بالبصرة وأقام سيف الدولة بواسط ينتظر المدد ليسير إلى البصرة.
وجاءه أبو عبد الله الكوفي بالأموال، فشغب عليه الأتراك في طلب المال وثاروا به، ومقدّمهم توزون، فهرب إلى بغداد وهم في اتباعه، وكان أخوه قد انصرف إلى بغداد، ثم إلى الموصل فلحق به. ودخل توزون بغداد وولي الأمر بها. ثم استوحش من المقتفي وتربّص مسيره إلى واسط لقتال ابن البريدي، وسار إلى الموصل سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة ومعزّ الدولة بن بويه في أثناء هذا كلّه مقيم بالأهواز، مطلّ على بغداد وأعمال الخليفة يروم التغلّب عليها، وأخوه عماد الدولة بفارس، وركن الدولة بأصفهان والريّ، فلمّا سار المقتفي من الرقّة إلى توزون خلعه وسمله ونصّب المكتفي.
وقد قدمنا هذه الأخبار كلها مستوعبة في أخبار الدولة العبّاسية وإنما أعددناها توطئة لاستيلاء بني بويه على بغداد واستبدادهم على الجلالقة. ثم عاد معزّ الدولة إلى واسط سنة ثلاث وثلاثين فسار توزون والمستكفي لدفاعه، ففارقها وعاد إلى الأهواز.
[(استيلاء معز الدولة بن بويه على بغداد واندراج أحكام الخلافة في سلطانه)]
ثم إنّ توزون في فاتح سنة أربع وثلاثين عقد الأتراك الرئاسة عليهم لابن شيرزاد، وولّاه المستكفي إمرة الأمراء في الأرزاق، فضاقت الجبايات على العمّال والكتّاب والتجّار، وامتدّت الايدي إلى أموال الرعايا، وفشا الظلم وظهرت اللصوص، وكبسوا المنازل وأخذ الناس في الجلاء عن بغداد. ثم استعمل ابن شيرزاد على واصل نيال كوشه، وعلى تكريت الفتح اليشكري فانتقضا، وسار الفتح لابن حمدان