كان طنبغا الطويل من موالي السلطان حسن وكانت وظيفته في الدولة أمير سلاح وهو مع ذلك رديف بيبقا في أمره وكان يؤمّل الاستبداد ثم حدثت له المنافسة والغيرة من بيبقا كما حدثت لسائر أهل الدولة عند ما استكمل أمره واستفحل سلطانه وداخلوا الطويل في الثورة وكان دوادار السلطان ارغون الأشقري وأستاذ دار المحمدي وبيناهم في ذلك خرج الطويل للسرحة بالعباسية في جمادى سنة سبع وستين وفشا الأمر بين أهل الدولة فنمي إلى بيبقا واعتزم على إخراج الطويل إلى الشام وأصدر له المرسوم السلطاني بنيابة دمشق وبعث به اليه وبالخلعة على العادة مع ارغون الأشقري الدوادار وروس المحمدي أستاذ دار من المداخلين له ومعه ارغون الأرقي وطنبغا العلائي من أصحاب بيبقا فردّهم الطويل وأساء عليهم وواعد بيبقا قبة النصر فهزمهم وقبض على الطويل والأشقري والمحمدي وحبسوا بالإسكندرية ثم شفع للسلطان في الطويل في شهر شعبان من السنة وبعثه إلى القدس ثم أطلق الأشقري والمحمدي وبعث بهما إلى الشام وولى مكان الطويل طيدمر الباسلي ومكان الأشقري في الدويدارية طنبغا الأبي بكري ثم عزله بيبقا العلائي وولى مكانه روس العادل المحمدي وكان جماعة من الأمراء أهل وظائف في الدولة قد خرجوا مع الطويل وحبسوا فولى في وظائفهم أمراء آخرين ممن لم تكن له وظيفة واستدعى منكلي بيبقا الشمسي نائب دمشق الى مصر يطلبه فقدم نائبا بحلب مكان سيف الدين برجي وأذن له في الاستكثار من العساكر وجعلت رتبته فوق نائب دمشق وولى مكانه بدمشق اقطمر عبد العزيز انتهى والله تعالى أعلم.
[ثورة المماليك ببيبقا ومقتله واستبداد استدمر]
كان طنبقا قد طال استبداده على السلطان وثقلت وطأته على الأمراء وأهل الدولة وخصوصا على مماليكه وكان قد استكثر من المماليك وأرهف حدّه لهم في التأديب وتجاوز الضرب فيهم بالعصا إلى جدع الأنوف واصطلام الآذان فكتموا الأمر في نفوسهم وضمائرهم لذلك وطووا على الغش وكان كبير خواصه استدمر واقتفان الاحمدي ووقع في بعض الأيام بمثل هذه العقوبة في أخي استدمر فاستوحش له وارتاب وداخل سائر الأمراء في الثورة يرون فيها نجاتهم منهم وخلصوا النجوى مع السلطان فيه واقتضوا منه الاذن وسرّح السلطان بيبقا إلى