للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بساقيه غبّولة من ناحية سلا سنة ثمان وستين وستمائة فكفى السلطان شأنه. وكان المرتضى مذ توالت عليهم الوقائع واستمرّ الظهور لبني مرين انحجر في جدرانه وتوارى بالأسوار عن عدوّه، فلم يسم إلى لقاء زحف ولا حدّث نفسه بشهود حرب، واستأسد بنو مرين على الدولة وشرهوا إلى التهام البقية، وأسفوا إلى منازلة مراكش دار الخلافة، كما نذكره إن شاء الله تعالى والله أعلم.

[الخبر عن منازلة السلطان أبي يوسف حضرة مراكش دار الخلافة وعنصر الدولة وما كان أثر ذلك من نزوع أبي دبوس إليه وكيف نصبه للامر وكان مهلك المرتضى على يده ثم انتقض عليه]

لما فرغ السلطان من شأن الخوارج عليه من عشيرة، استجمع لمنازلة المرتضى والموحّدين في دارهم، ورأى أنه أوهن لدولتهم وأقوى لأمره عليهم. وبعث قومه واحتشد أهل ممالكه، واستكمل تعبيته وسار حتى انتهى إلى ايكليز [١] واعتزم على ذلك سنة ستين وستمائة وشارف دار الخلافة. ثم نزل بقعرها وأخذ بمخنقها. وعقد المرتضى لحربهم للسيد أبي العلاء إدريس المكنّى بأبي دبّوس ابن السيّد أبي عبد الله ابن السيد أبي حفص بن عبد المؤمن، فعبّى كتائبه ورتّب مصافه، وبرز لمدافعتهم ظاهر الحضرة، فكانت بينهم حروب بعد العهد بمثلها، استشهد فيها الأمير عبد الله بن يعقوب بن عبد الحق، وكانوا يسمونه برطانتهم المعجوب [٢] ففتّ مهلكه في عضدهم، وارتحلوا عنها إلى أعمالهم، واعترضهم عساكر الموحّدين بوادي أمّ الربيع، وعليهم يحيى بن عبد الله بن وانودين، فاقتتلوا في بطن الوادي وانهزمت عساكر الموحدين. وكان في مسيل الوادي كدي تحسر عنها غمر الماء تبدو كأنها أرجل، فسميت الواقعة بها أمّ الرجلين. ثم سعى سماسرة الفتن عند الخليفة المرتضى في ابن عمّه وقائد حربه السيّد أبي دبوس بطلبه الأمر لنفسه، وشعر بالسعاية فخشي


[١] وفي نسخة اخرى: ايكلين.
[٢] كذا في النسخة الباريسية وفي نسخة اخرى: ايعجوب.

<<  <  ج: ص:  >  >>