ثم تواترت الأخبار سنة اثنتين وسبعمائة بحركة التتر وأنّ قطلو شاه وصل الى جهة الفرات وأنه قدم كتابه الى نائب حلب بأنّ بلادهم محلة وأنهم يرتادون المراعي بنواحي الفرات فخادع بذلك عن قصده ويوهم الرعية أن يحفلوا من البسائط ثم وصلت الأخبار بإجازتهم الفرات فأجفل الناس أمامهم كل ناحية ونزل التتر مرعش وبعث العساكر من مصر مددا لأهل الشام فوصلوا الى دمشق وبلغهم هنالك أنّ السلطان قازان وصل في جيوش التتر الى مدينة الرحبة ونازلها فقدّم نائبها قرى وعلوفة واعتذر له بأنه في طاعته الى أن يرد الشام فإن ظفر به فالرحبة أهون شيء وأعطاه ولده رهينة على ذلك فأمسك عنه ولم يلبث أن عبر الفرات راجعا إلى بلاده وكتب إلى أهل الشام كتابا مطوّلا ينذرهم فيه أن يستمدّوا عسكر السلطان أو يستجيشوه ويخادعهم بلين القول وملاطفته وتقدّم قطلو شاه وجوبان الى الشام بعساكر التتر يقال في تسعين ألفا أو يزيدون وبلغ الخبر الى السلطان فقدم العساكر من مصر وتقدّم بيبرس كافل المملكة الى الشأم والسلطان وسلار على اثره ومعهم الخليفة أبو الربيع وساروا في التعبية ودخل بيبرس دمشق وكان النائب بحلب قراسنقر المنصوري وقد اجتمع اليه كيبغا العادل نائب حماة وأسد الدين كرجي نائب طرابلس بمن معهم من العساكر فأغار التتر على القرينين وبها أحياء من التركمان كانوا أجفلوا أمامهم من الفرات فاستاقوا أحياءهم بما فيها واتبعهم العساكر من حلب فأوقعوا بهم واستخلصوا أحياء التركمان من أيديهم وزحف قطلو شاه وجوبان بجموعهما الى دمشق يظنان أن السلطان لم يخرج من مصر والعساكر والمسلمون مقيمون بمرج الصفر وهو المسمى بشقحب مع ركن الدين بيبرس ونائب دمشق أقوش الافرم ينتظرون وصول السلطان فارتابوا لزحف التتر وتأخروا عن مراكزهم قليلا وارتاعت الرعايا من تأخرهم فأجفلوا الى نواحي مصر وبينما هم كذلك إذ وصل السلطان في عساكره وجموعه غرّة رمضان من السنة فرتب مصافه وخرج لقصدهم فالتقى الجمعان بمرج الصفر وحمل التتر على ميمنة السلطان فثبت الله أقدامهم وصابروهم الى أن غشيهم الليل واستشهد جماعة في الجولة ثم انهزم التتر ولجئوا الى الجبل يعتصمون به واتبعهم السلطان فأحاط بالجبل الى أن أظلّ الصباح وشعر المسلمون باستماتتهم فأفرجوا لهم من بعض الجوانب وتسلل معظمهم مع قطلو شاه وجوبان وحملت العساكر الشامية على من بقي منهم