للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأثخن الأكراد فيهم، وبعث عليّ من يعترضهم فاستلبوهم وكتب عليّ إلى محمد يتهدّده فاعتذر وردّ عليهم كثيرا من أسلابهم، وخشي من الخبيث وبعث إلى أصحابه مالا ليسألوه في الرضا عنه، فأجابهم إلى ذلك على أن يقيم دعوته في أعماله ففعل كذلك. ثم سار ابن أبان لحصار موتة [١] واستكثر من آلات الحصار، وعلم بذلك مسرور البلخي وهو بكور الأهواز، فسار إليه ووافاه عليها، فانهزم ابن أبان وترك ما كان حمله هناك، وقتل من الزنج خلق وجاء الخبر بمسير الموفّق إليهم.

[استرجاع ابن الموفق ما غلب عليه الزنج من أعمال دجلة]

لما دخل الزنج واسط وعاثوا فيها كما ذكرناه بعث الموفّق ابنه أبا العبّاس، وهو الّذي وليّ الخلافة بعد المعتمد ولقّب المعتضد، فبعثه أبوه بين يديه في ربيع سنة ست وستين في عشرة آلاف من الخيل والرجال. وركب لتشييعه وبعث معه السفن في النهر عليها أبو حمزة نصر، فسار حتى وافى الخيل والرجل والسفن النهرية، وعلى مقدّمته الجناني [٢] وانهم نزلوا الجزيرة قريبا من بردرويا، وجاءهم سليمان بن موسى الشعراني مددا بمثل ذلك وأنّ الزنج اختلفوا في الاحتشاد، ونزلوا من السفح إلى أسفل واسط ينتهزون الفرصة في ابن الموفّق لما يظنون من قلّة دراسيته بالحرب، فركب أبو العباس لاستعلام أمرهم ووافى نصيرا، فلقيهم جماعة من الزنج فاستطرد لهم أوّلا، ثم كرّ في وجوههم وصاح بنصير فرجع، وركب أبو العبّاس السفن النهرية فهزم الزنج وأثخن فيهم واتبعهم ستة فراسخ، وغنم من سعيهم وكان ذلك أوّل الفتح. ورجع سليمان بن جامع إلى نهر الأمين [٣] وسليمان بن موسى الشعراني إلى سوق الخميس، وأبو العبّاس على فرسخ من واسط يغاديهم القتال ويراوحهم. ثم احتشد سليمان وجاء من ثلاثة وجوه، وركب في السفن النهرية وبرز إليه نصير في سفنه، وركب معه أبو العبّاس في خاصّته، وأمر الجند بمحاذاته من الشطّ، ونشب الحرب فوقعت الهزيمة على الزنج وغنمت سفنهم، وأفلت سليمان والجناني من


[١] مثّوث: المرجع السابق.
[٢] الجناتي وقد مر ذكره من قبل.
[٣] نهر الأمير: ابن الأثير ج ٧ ص ٣٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>