للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(معاودة الجهاد)]

لما قفل من فتح قفصة سنة سبع وسبعين وخمسمائة وفد عليه أخوه السيد أبو إسحاق من إشبيليّة، والسيد أبو عبد الرحمن يعقوب من مرسية، وكافة الموحدين ورؤساء الأندلس يهنّونه بالإياب فأكرم موصلهم وانصرفوا إلى بلادهم. واتصل به أن محمد ابن يوسف بن وانودين غزا بالموحدين من إشبيليّة إلى أرض العدوّ فنازل مدينة يابرة وغنم ما حولها، وافتتح بعض حصونها ورجع إلى إشبيليّة، وأن عبد الله بن إسحاق بن جامع قائد الاسطول بأشبيليّة التقى بأسطول أهل أشبونة في البحر فهزموهم وأخذوا عشرين من قطائعهم مع السبي والغنائم.

ثم بلغ الخبر بأن أدفونش بن شانجة نازل قرطبة وشن الغارات على جهات مالقة ورندة وغرناطة. ثم نزل أستجة [١] وتغلّب على حصن شنغيلة. وأسكن بها النصارى وانصرف، فاستنفر السيد أبو إسحاق سائر الناس للغزو ونازل الحصن نحوا من أربعين يوما. ثم بلغه خروج أذفونش من طليطلة بمدده فانكفأ راجعا. وخرج محمد بن يوسف بن وانودين من إشبيليّة في جموع الموحدين ونازل طلبيرة [٢] وبرز إليه أهلها، فأوقع بهم وانصرف بالغنائم، فاعتزم الخليفة أبو يعقوب على معاودة الجهاد، وولّى على الأندلس أبناءه وقدّمهم للاحتشاد، فعقد لابنه أبي إسحاق على إشبيليّة كما كان، ولابنه السيد أبي يحيى على قرطبة، ولابنه السيد أبي زيد الحصرصاني [٣] على غرناطة. ولابنه السيد أبي عبد الله على مرسية.

ونهض سنة تسع وسبعين وخمسمائة إلى سلا، ووافاه بها أبو محمد بن أبي إسحاق بن جامع من إفريقية بحشود العرب. وسار إلى فاس وبعث في مقدّمته هنتاتة وتين ملّل


[١] استجة: اسمها اللاتيني Astigi وهي في جنوبي قرطبة بينهما ٥٦ كلم ولا تزال بها آثار عربية قيمة وهي على وادي شنيل، كانت تعتبر أيام العرب من كورة قنبانية (البينة/ ٢٠) .
[٢] طلبيرة: كانت تسمى عند القدماء Talabriga وهي على نهر تاجه في جنوبي غرب مجريط. كانت أيام العرب محصنة تحيط بها قلاع لا تزال آثارها قائمة الى الآن وهي عبارة عن ثمانية عشر برجا مربعا في غاية الجمال تسمى TorresAlbarranas وهي مشهورة بالفسيفساء الأزرق والأصغر. تبعد ٨٥ كلم عن طليطلة وكانت تعتبر من كورة البشارات. (البينة/ ٢٨) .
[٣] وفي نسخة أخرى: الحرضاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>