كان ايلك خان ملك الترك وصاحب تركستان لما ملك بخارى من يد بني سامان سنة تسعين وثلاثمائة، ولّى عليها ورجع إلى بلاده كما مرّ، وكان الغزّ أحياء بادية بضواحي بخارى وزعيمهم أرسلان بن سلجوق عمّ السلطان طغرلبك. وكان بينه وبين ايلك خان وأخيه بقراخان حروب وفتن بسبب استظهار بني سامان بهم. فلما ملك ايلك خان بخارى عرف لأرسلان بن سيجور حقّه ورفع محلّه، وهو مع ذلك مستوحش.
وكان على تكين أخو ايلك خان، وحبس أرسلان ولحق ببخارى فاستولى عليها، وطلب موالاة أرسلان بن سيجور فوالاه، واستفحل أمرهما، ونهض إليهما ايلك خان وقاتلهما فهزماه. واستوثق أمر تكين في بخارى وكان يسيء جوار السلطان محمود بن سبكتكين في أعماله، ويعترض رسله المتردّدين إلى ملوك الترك فأحفظ ذلك السلطان، وأجمع المسير إليه، فنهض من بلخ سنة عشرين وأربعمائة، وعبر النهر وقصد بخارى، فهرب منها على تكين ولحق بايلك خان. ودخل السلطان بخارى وملك سائر أعمالها، وأخذ الجزية من سمرقند، وأجفلت أحياء الغزّ وأرسلان بن سلجوق، وتلطف في استدعائه. فلما حضر عنده تقبّض عليه، وبعثه إلى بعض قلاع الهند وحبسه بها. وسار إلى أحياء الغزّ فنهبهم، وأثخن فيهم قتلا وأسرا، ورجع إلى خراسان.
[(خبر السلطان محمود مع الغز بخراسان)]
لمّا حبس السلطان أرسلان بن سلجوق، ونهب احياءهم، أجلاهم عن ضواحي بخارى، فعبروا نهر جيحون إلى خراسان، وامتدّت فيهم أيدي العمّال بالظلم والتعدّي في أموالهم وأولادهم فتفرّقوا، وجاءت منهم طائفة في أكثر من ألفي خركاة إلى كرمان، ثم إلى أصفهان، وكان يسمّون العراقية. وطائفة إلى جبل بكجان عند خوارزم القديمة، وعاث كل منهم فيما سار فيه من البلاد. وبعث السلطان إلى علاء الدولة بأصفهان لردّ الذين ساروا إليه إلى الريّ وقبلهم، وحاول ذلك بالغدر فلم