للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الملأ في مجلس أمير المسلمين. وكان من أسبقهم في ذلك الميدان شاعر الدولة عزّوز المكناسي. ذكر فيها سير أمير المسلمين وغزواته على نسق.

ثم أعمل أمير المسلمين نظره في الثغور فرتّب بها المسالح وعقد عليها لابنه الأمير أبي زيّان منديل، وأنزله بركوان مقربة مالقة، واستوصاه بأن لا يحدث في بلاد ابن الأحمر حدثا. وعقد لعيّاد بن أبي عيّاض العاصمي على مسلحة أخرى، وأنزله بأصطبونة. وأجاز ابنه الأمير أبا يعقوب لتفقد أحوال المغرب ومباشرة أموره، فأجاز في أسطول القائد محمد بن القاسم الرنداحي قائد سبتة. وأوعز إليه بالبناء على قبر أبيه أبي الملوك عبد الحق، ولقيه إدريس بتافرطست، فاختطّ هنالك رباطا وبنى على قبورهم أسمنة من الرخام، ونقشها بالكتابة، ورتّب عليها قرّاء لتلاوة القرآن، ووقف على ذلك ضياعا وفدنا. وهلك خلال ذلك وزيره يحيى بن أبي منديل العسكري لمنتصف رمضان. ثم اعتلّ بعد ذلك أمير المسلمين لشهر ذي الحجة واشتدّ وجعه وهلك لآخر محرّم سنة خمس وثمانين وستمائة والله أعلم.

(الخبر عن دولة السلطان وما كان فيها من الاحداث وشأن الخوارج لأوّل دولته)

لما اعتل أمير المسلمين أبو يوسف بالجزيرة، مرّضه نساؤه، وطيّرن الخبر إلى ولي العهد الأمير أبي يعقوب وهو بمكانه من المغرب، فأغذّ السير، وقضى أمير المسلمين قبل وصوله، فأخذ له البيعة على الناس وزراء أبيه وعظماء قومه، وأجاز إليهم البحر، فجدّدوا بيعته غرّة صفر سنة خمس وثمانين وستمائة وأخذوها على الكافة. وانعقد أمر السلطان يومئذ ففرّق الأموال وأجزل الصلات، وسرّح السجون ورفع عن الناس الأخذ بزكاة الفطر، ووكّلهم فيها إلى أمانتهم. وقبض أيدي العمّال عن الظلم والاعتداء والجور على الرعايا، ورفع المكوس ومحا رسم الرتب، وصرف اعتناءه إلى إصلاح السابلة. وكان أوّل شيء أحدث من أمره إلى أن بعث ابن الأحمر وضرب موعدا للقائه، فبدر إليه ولقيه بظاهر مربالة [١] لأوّل ربيع. ولقاه مبرّة وتكريما


[١] وفي نفح الطيب ج ٥ ص ٨٥: مربلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>