ليقيم أمر الدولة فبعث إليه القاضي أبا جعفر السمناني بالعهد عليه. وعلى القوّاد فسار جلال الدولة إلى بغداد في جمادى من سنة ثمان عشرة. وركب الخليفة في الطيار لتلقّيه فدخل ونزل التجيبي وأمر بضرب الطبل في أوقات الصلوات. ومنعه الخليفة من ذلك فقطعه مغاضبا. ثم أذن له الخليفة فيه فأعاده. وأرسل مؤيد الملك أبا علي الرخّجي إلى الأثير عنبر الخادم عند قرواش يستدعيه يعتذر عن الأتراك. ثم شغب الأتراك عليه سنة تسع عشرة وحاصروه بداره وطلبوا من الوزير أبي علي بن ماكولا أرزاقهم. ونهبوا دوره ودور الكتّاب والحواشي. وبعث القادر من أصلح بينهم وبينه فسكن شغبهم. ثم خالفوا أبا كاليجار بن سلطان الدولة إلى البصرة فملكها، ثم ملك كرمان بعد وفاة صاحبها قوام الدولة أبي الفوارس بن بهاء الدولة كما نذكر في أخبارهم في دولتهم عند إفرادها بالذكر فنستوفي أخبارهم ودول سائر بني بويه وبني وشمكير وبني المرزبان وغيرهم من الديلم في النواحي.
[مسير جلال الدولة إلى الأهواز]
كان نور الدولة دبيس بن عليّ بن مزيد صاحب الحلّة، ولم تكن الحلّة يومئذ بمدينة، قد خطب لأبي كاليجار لمضايقة المقلّد بن أبي الأغر الحسن بن مزيد وجمع عليه منيعا أمير بني خفاجة وعساكر بغداد، فخطب هو لأبي كاليجار واستدعاه لملك واسط وبها الملك العزيز بن جلال الدولة فلحق بالنعمانيّة وتركها وضيّق عليه نور الدولة من كل جهة فتفرق ناس من أصحابه وهلك الكثير من أثقاله واستولى أبو كاليجار على واسط ثم خطب له في البطيحة وأرسل إلى قرواش صاحب الموصل وعنده الأثير عنبر يستدعيهما إلى بغداد، فانحدر عنبر إلى الكحيل ومات به.
وقعد قرواش وجمع جلال الدولة عساكره ببغداد، واستمدّ أبا الشوك وغيره، وانحدر إلى واسط وأقام هنالك من غير قتال، وضاقت عليه الأحوال. واعتزم أبو كاليجار على مخالفته إلى بغداد، وجاءه كتاب أبي الشوك بزحف عساكر محمود بن سبكتكين إلى العراق، ويشير بالصلح والاجتماع لمدافعتهم، فأنفذ أبو كاليجار الكتاب لجلال الدولة فلم ينته عن قصده، ودخل الأهواز فنهبها، وأخذ من دار الإمارة مائتي ألف دينار، واستباح العرب والأكراد سائر البلد وحمل حريم كاليجار إلى بغداد سبيا فماتت أمه في الطريق. وسار أبو كاليجار لاعتراض جلال الدولة وتخلّف عنه دبيس