للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بها. وفي سنة ست وسبعين ومائة بعث هشام وزيره عبد الملك بن عبد الواحد بن مغيث لغزاة العدو فبلغ ألبة والقلاع وأثخن في نواحيها. ثم بعثه في العساكر إلى أربونة [١] وجرندة فأثخن فيهما ووطئ أرض سلطانية، وتوغّل في بلادهم ورجع بالغنائم التي لا تحصى واستمدّ الطاغية بالبشكنس وجيرانه من الملوك فهزمهم عبد الملك، ثم بعث بالعساكر مع عبد الكريم بن عبد الواحد إلى بلاد جلّيقة فأثخنوا في بلاد العدوّ وغنموا ورجعوا. وفي هذه السنة هاجت فتنة بتاكدنا وهي بلاد رندة من الأندلس، وخلع البربر لك الطاعة فبعث إليهم هشام بن عبد القادر بن أبان بن عبد الله مولى معاوية بن أبي سفيان فأبادهم، وخرّب بلادهم وفرّ من بقي منهم فدخلوا في القبائل وبقيت تاكدنا قفراء خالية سبع سنين. وفي سنة تسع وسبعين بعث هشام الحاجب عبد الملك بن عبد الواحد بن مغيث في العساكر إلى جليقة فانتهى إلى ميورقة [٢] فجمع ملك الجلالقة واستمدّ بالملوك، ثم خام عن اللقاء ورجع أدراجه، وأتبعه عبد الملك وتوغّل في بلادهم وكان هشام قد بعث الجيوش من ناحية أخرى فالتقوا بعبد الملك وأثخنوا في البلاد واعترضهم عسكر الإفرنج فنالوا منهم بعض الشيء ثم خرجوا ظافرين سالمين.

[(وفاة هشام وولاية ابنه الحكم)]

ثم توفي هشام بن عبد الرحمن سنة ثمانين ومائة لسبع سنين من إمارته وقيل ثمان سنين، وكان من أهل الخير والصلاح، وكان كثير الغزو والجهاد، وهو الّذي أكمل بناء الجامع بقرطبة الّذي كان أبوه شرع فيه، وأخرج المصرف لآخذي الصدقة على الكتاب والسنّة. ولما مات ولي ابنه الحكم بعده فاستكثر من المماليك وارتباط الخيل، واستفحل ملكه وباشر الأمور بنفسه. ولأوّل ولايته أجاز ابنه عبد الله البلنسي من


[١] أربونة: بفتح أوله ويضم، ثم السكون، وضم الباء الموحدة، وسكون الواو، ونون وهاء: بلد في طرف الثغر من ارض الأندلس، بينها وبين قرطبة على ما ذكره ابن الفقيه، ألف ميل (معجم البلدان) .
[٢] ميورقة: بالفتح ثم الضم، وسكون الواو والراء يلتقي فيه ساكنان، وقاف: جزيرة في شرقي الأندلس بالقرب منها جزيرة يقال لها منورقة. (معجم البلدان) .

<<  <  ج: ص:  >  >>