للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند أبي زيان وأبي حو بمكانهما من العلم، ووقع ذلك من أبي حمو أبلغ المواقع حتى إذا استقلّ بالأمر ابتنى المدرسة بناحية المطهر من تلمسان لطلبة العلم. وابتنى لهما دارين على جانبيها وجعل لهما التدريس فيها في إيوانين معدّين لذلك. واختصّهما بالفتيا والشورى، فكانت لهما في دولته قدم علية فلما خطب زيري هذا الأمان من أبي حمّو وأن يبعث إليه من يأمن معه في الوصول إلى بابه، بعث إليه أبا زيد عبد الرحمن الأكبر منهما، فنهض لذلك بعد أن استأذنه في أن يثأر منه بأبيه إن قدر عليه، فأذن له. فلمّا احتلّ ببرشك أقام بها أياما يغاديه فيها زيري ويراوحه بمكان نزله، وهو يعمل الحيلة في اغتياله حتى إذا أمكنته فقتله في بعض تلك الأيام سنة ثمان وسبعمائة، وصار أمر برشك إلى السلطان أبي حمو وانمحى منه أثر المشيخة والاستبداد والأمور بيد الله سبحانه.

[(الخبر عن طاعة الجزائر واستنزال ابن علان منها وذكر أوليته)]

كانت مدينة الجزائر هذه من أعمال صنهاجة، ومختطها بلكّين بن زيري ونزلها بنوه من بعده. ثم صارت للموحّدين وانتظمها بنو عبد المؤمن في أمصار المغربين وإفريقية، ولما استبدّ بنو أبي حفص بأمر الموحدين وبلغت دولتهم بلاد زناتة. وكانت تلمسان ثغرا لهم، واستعملوا عليها يغمراسن وبنيه من بعده، وعلى ضواحي مغراوة بني منديل بن عبد الرحمن، وعلى وانشريس وما إليها من عمل توجين محمد بن عبد القوى وبنيه. وبقي ما وراء هذه الأعمال إلى الحضرة لولاية الموحّدين أهل دولته، فكان العامل على الجزائر من الموحدين أهل الحضرة.

وفي سنة أربع وستين وستمائة انتقضوا على المستنصر ومكثوا في ذلك الانتقاض سبعا.

ثم أوعز إلى أبي هلال صاحب بجاية بالنهوض إليها في سنة إحدى وسبعين وستمائة فحاصرها أشهرا وأفرج عنها. ثم عاودها بالحصار سنة أربع وسبعين وستمائة أبو الحسن ابن ياسين بعساكر الموحّدين فاقتحمها عليهم عنوة واستباحها. وتقبّض على مشيختها فلم يزالوا معتقلين إلى أن هلك المستنصر. ولما انقسم أمر بني أبي حفص واستقل الأمير أو زكريا الأوسط بالثغور الغربية وأبوه، بعثوا إليه بالبيعة، وولّى عليهم ابن أكمازير،

<<  <  ج: ص:  >  >>