دمشق وأميرها ريّان خادم المعز لدين الله العلويّ وقد غلب عليه الأحداث فخرج إليه مشيخة البلد وسألوه أن يملكهم ويكفّ عنهم سرّ الأحداث وظلم العمّال، واعتقاد الرافضة فاستحلفهم على ذلك ودخل دمشق وخطب فيها للطائع في شعبان سنة أربع وستين. ورجع أيدي العرب من ضواحيها وفتك فيهم وكثرت جموعه وأمواله وكاتب المعزّ بمصر يداريه بالانقياد، فكتب يشكره ويستدعيه ليولّيه من جهته، فلم يثق إليه فتجهّز لقصده، ومات في طريقه سنة خمس وستين كما نذكر بقية خبره في دولتهم.
[ملك عضد الدولة بغداد وقتل بختيار]
ولما انصرف عضد الدولة إلى فارس كما ذكرناه أقام بها قليلا ثم مات أبوه ركن الدولة سنة ست وستين بعد أن رضي عنه وعهد له بالملك كما نذكره في خبره. فلمّا مات شرع بختيار ووزيره ابن بقية في استمالة أهل أعماله مثل أخيه فخر الدولة وحسنويه الكردي وطلب ابن حمدان وعمران بن شاهين في عدوانه فسار عضد الدولة لطلب العراق واستمدّ حسنويه وابن حمدان فواعداه ولم يبعداه فسار إلى الأهواز، ثم سار إلى بغداد، ولقيه بختيار فهزمه عضد الدولة واستولى على أمواله وأثقاله ولحق بواسط، وحمل إليه ابن شاهين أموالا وهدايا ودخل إليه مؤكدا للاستجارة به. ثم صعد إلى واسط، وبعث عضد الدولة عسكرا إلى البصرة فملكوها، وكانت مصر شيعة له دون ربيعة. وجمع بختيار ما كان له ببغداد والبصرة في واسط وقبض على ابن بقية وأرسل عضد الدولة في الصلح واختلفت الرسائل، وجاءه عبد الرزاق وبدر ابنا حسنويه في ألف فارس مددا فانتقض وسار إلى بغداد وسار عضد الدولة إلى واسط ثم إلى البصرة فأصلح بين ربيعة ومضر بعد اختلافهم مائة وعشرين سنة. ثم دخلت سنة سبع وستين فقبض عضد الدولة على أبي الفتح بن العميدي وزير أبيه وجدع أنفه وسمل إحدى عينيه لما بلغه عنه في مقامه بالفرات عند بختيار. ولما اطلع عليه من مكاتبته إيّاه فبعث إلى أخيه فخر الدولة بالريّ بالقبض عليه وعلى أهله فقبض عليه وأخذ داره بما فيها. ثم سار عضد الدولة إلى بغداد سنة وسبع وستين.
وبعث إلى بختيار يخيّره في الأعمال فأجاب إلى طاعته، وأمره بإنفاذ ابن بقية إليه ففقأ عينيه وأنفذه، وخرج عن بغداد بقصد الشام، ودخل عضد الدولة بغداد وخطب له بها وضرب على بابه ثلاث توتات ولم يكن شيء من ذلك لمن قبله، وأمر