للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مانيه ثمان سنين، وبعده لوري ثمان سنين، وبعده ايقه ست عشرة سنة، وبعده غطسة أربع عشرة سنة وهو الّذي وقع من قصته مع ابنه يليان عامل طنجة ما وقع.

ثم بعده زدريق سنتين وهو الّذي دخل عليه المسلمون وغلبوه على ملك القوط وملكوا الأندلس، ولذلك العهد كان الوليد بن عبد الملك حسبما نذكره عند فتح الأندلس إن شاء الله تعالى.

هذه سياقة الخبر عن هؤلاء القوط نقلته من كلام هروشيوش وهو أصح ما رأيناه في ذلك والله سبحانه وتعالى الموفق المعين بفضله وكرمه لا ربّ غيره ولا مأمول إلّا خيره.

[الطبقة الثالثة من العرب وهم العرب التابعة للعرب وذكر افاريقهم وأنسابهم وممالكهم وما كان لهم من الدول على اختلافها والبادية والرحالة منهم وملكها]

هذه الأمّة من العرب البادية أهل الخيام الذين لا إغلاق لهم لم يزالوا من أعظم أمم العالم وأكثر أجيال الخليقة، يكثرون الأمم تارة وينتهى إليهم العزّ والغلبة بالكثرة فيظفرون بالملك ويغلبون على الأقاليم والمدن والأمصار، ثم يهلكهم الترفه والتنعّم ويغلبون عليهم ويقتلون ويرجعون إلى باديتهم، وقد هلك المتصدّرون منهم للرئاسة بما باشروه من الترف ونضارة العيش وتصيير الأمر لغيرهم من أولئك المبعدين عنهم بعد عصور أخرى. هكذا سنّة الله في خلقه وللبادية منهم مع من يجاورهم من الأمم حروب ووقائع في كل عصر وجيل بما تركوا من طلب المعاش، وجعلوا طلب المعاش رزقهم في معاشهم بترصد السبيل وانتهاب متاع الناس.

ولما استفحل الملك للعرب في الطبقة الأولى للعمالقة، وفي الثانية للتبابعة، وكان ذلك عن كثرتهم فكانوا منتشرين لذلك العهد باليمن والحجاز ثم بالعراق والشام، فلما تقلّص ملكهم وكانوا [١] بالعراق منهم بقيّة أقاموا ضاحين [٢] من ظل الملك. يقال في مبدإ كونهم هنالك أنّ بخت نصّر لمّا سلطه الله على العرب وعلى بني إسرائيل بما كانوا من بغيهم وقتلهم الأنبياء، قتل أهل الوبر بناحية عدن اليمن نبيّهم شعيب بن ذي


[١] الأصح ان يقول: وكان بالعراق منهم بقية.
[٢] بمعنى بعيدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>