فلا يدخلنّ منزلنا» وكان شيوخنا رحمهم الله يقولون:«ممارسة علم الهندسة للفكر بمثابة الصّابون للثّوب الّذي يغسل منه الأقذار وينقّيه من الأوضار والأدران» . وإنّما ذلك لما أشرنا إليه من ترتيبه وانتظامه.
[ومن فروع هذا الفن الهندسة المخصوصة بالأشكال الكروية والمخروطات.]
أمّا الأشكال الكرويّة ففيها كتابان من كتب اليونانيّين لثاوذوسيوس وميلاوش في سطوحها وقطوعها وكتاب ثاوذوسيوس مقدّم في التّعليم على كتاب ميلاوش لتوقّف كثير من براهينه عليه. ولا بدّ منهما لمن يريد الخوض في علم الهيئة لأنّ براهينها متوقّفة عليه.
فالكلام في الهيئة كلّه كلام في الكرات السّماويّة وما يعرض فيها من القطوع والدّوائر بأسباب الحركات كما نذكره فقد يتوقّف على معرفة أحكام الأشكال الكرويّة سطوحها وقطوعها. وأمّا المخروطات فهو من فروع الهندسة أيضا. وهو علم ينظر فيما يقع في الأجسام المخروطة من الأشكال والقطوع ويبرهن على ما يعرض لذلك من العوارض ببراهين هندسيّة متوقّفة على التّعليم الأوّل.
وفائدتها تظهر في الصّنائع العمليّة الّتي موادّها الأجسام مثل النّجارة والبناء وكيف تصنع التّماثيل الغريبة والهياكل النّادرة وكيف يتخيّل على جرّ الأثقال ونقل الهياكل بالهندام والميخال وأمثال ذلك. وقد أفرد بعض المؤلّفين في هذا الفنّ كتابا في الحيل العلميّة يتضمّن من الصّناعات الغريبة والحيل المستظرفة كلّ عجيبة. وربّما استغلق على الفهوم لصعوبة براهينه الهندسيّة وهو موجود بأيدي النّاس ينسبونه إلى بني شاكر. والله تعالى أعلم
. ومن فروع الهندسة المساحة
وهو فنّ يحتاج إليه في مسح الأرض ومعناه استخراج مقدار الأرض المعلومة بنسبة شبر أو ذراع أو غيرهما ونسبة أرض من أرض إذ قويست بمثل ذلك. ويحتاج إلى ذلك في توظيف الخراج على المزارع والفدن وبساتين الغراسة وفي قسمة الحوائط والأراضي بين الشّركاء أو الورثة وأمثال ذلك. وللنّاس فيها موضوعات حسنة وكثيرة والله الموفّق للصّواب بمنّه وكرمه