للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شيوخ هنتاتة. فلم يزل واليا منها إلى أن هلك قبيل نكبة السلطان أبي الحسن بالقيروان. ولحق ابنه إبراهيم بتلمسان ذاهبا إلى السلطان أبي الحسن. فلمّا دعا أبو عنّان إلى نفسه رجع عنه إلى محلّه، وتمسّك بما كان عليه من طاعة أبيه، ورعاه أبو عنّان لعمّه عبد الحق، وقلّده الأعمال المراكشية فلم يغن في منازعة إلى أن لحق السلطان أبو الحسن بمراكش، فكان من أعظم دعاته، وأبلى في مظاهرته. فلما هلك السلطان أبو الحسن اعتقله أبو عنّان وأودعه السجن، ثم قتله بين يدي نهوضه إلى تلمسان سنة ثلاث وخمسين وسبعمائة وقام بأمره من بعده أخوه منصور بن محمد إلى أن ملك الأمير عبد الرحمن بن أبي يغلوسن مراكش سنة ست وسبعين وسبعمائة فاستقدمه وتقبّض عليه، واعتقله بدار ابن عمّه نحوا من العام ابن مسعود بن خطّاب كان في جملته، وكان هو وأبوه نازعا إلى بني مرين خوفا على أنفسهم من أولاد محمد بن عمر لترشحهم للأمر، فلما استمكن منه بداره معتقلا وثب عليه فقتله واستلحم بنيه معه، وسخطه السلطان لها فاعتقله قليلا ثم أطلقه، واستقلّ برياسة هسكورة لهذا العهد والله قادر على ما يشاء.

[(الطبقة الثالثة من صنهاجة)]

وهذه الطبقة ليس فيها ملك، وهم لهذا العهد أوفر قبائل المغرب، فمنهم الموطنون بالجانب الشرقي من جبال درن ما بين تازى وتادلّا ومعدن بني فازان حيث الثنيّة المفضية إلى آكرسلوين [١] من بلاد النخل ومقصد تلك الثنية من بلادهم وبلاد المصامدة في المغرب من جبال درن. ثم اعتمروا قنن تلك الجبال وشواهقها، وتنعطف مواطنهم في تلك الثنية إلى ناحية القبلة إلى أن ينتهي إلى آكرسلوين. ثم ترجع مغرّبا من آكرسلوين إلى درعه إلى ضواحي السوس الأقصى، وأمصاره من تارودانت وأيفري الى فوتان وغيرها. ويعرف هؤلاء كلهم باسم صناكة حرفت إليها من اسم صنهاجة، وأسموا صاده زايا وأبدلوا الجيم بالكاف المتوسطة المخرج عند العرب لهذا العهد بين الكاف والقاف أو بين الكاف والجيم، وهي معرّبة النطق.


[١] آكرسلوين بناحية سجلماسة حيث تبتدأ مواطن الزناكة أو صنهاجة الجنوب قبائل المغرب/ ٣٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>