واستخلصني لكتابته. واستوسق أمره بالمغرب وتقبّض شيعة السلطان بباديس على منصور بن سليمان وابنه عليّ وقادوهم مصفّدين إلى سدّته، وأحضرهم ووبّخهم، وجنبوا إلى مصارعهم، فقتلوا قعصا بالرماح آخر شعبان من سنته. وجمع الأبناء والقرابة المرشّحين من ولد أبيه، وأشخصهم إلى رندة من ثغورهم بالأندلس، ووكّل بهم من يحرسهم، ونزع محمد ابن أخيه أبو عبد الرحمن منهم إلى غرناطة. ثم لحق منها بالطاغية، واستقرّ لديه حتى كان من تملّكه المغرب ما نقصّه إن شاء الله تعالى.
وهلك الباقون غرقا بالبحر بإيعاز السلطان بذلك بعد مدّة من سلطانه، أركبهم السفن إلى المشرق، ثم غرّقهم. وخلص الملك من الخوارج والمنازعين، واستوسق له الأمر، والله غالب على أمره. واحتفل السلطان في كرامة مولانا السلطان أبي العبّاس، وأشاد ببره وأوعز باتخاذ دار عامر بن فتح الله وزير أبيه لنزله، ومهّد له المجلس لضيق أريكته، ووعده بالمظاهرة على ملكه إلى أن بعثه من تلمسان عند استيلائه عليها، كما نذكره إن شاء الله تعالى.
[(الخبر عن خلع ابن الأحمر صاحب غرناطة ومقتل رضوان ومقدمه على السلطان)]
لما هلك السلطان أبو الحجّاج سنة خمس وخمسين وسبعمائة ونصّب ابنه محمد للأمر، واستبدّ عليه رضوان مولى أبيه، وكان قد رشّح ابنه الأصغر إسماعيل بما ألقى عليه وعلى أمه من محبته. فلما عدلوا بالأمر عنه حجبوه ببعض قصورهم، وقد كان له صهر من ابن عمّه محمد بن إسماعيل ابن الرئيس أبي سعيد في شقيقته فكان يدعوه سرّا إلى القيام بأمره متى أمكنته فرصة في الدولة، فخرج السلطان إلى بعض منتزهاته برياضه، فصعد سور الحمراء ليلة سبع وعشرين من رمضان من سنة ستين وسبعمائة في بعض أوشاب، جمعهم من الطغام لثورته. وعمد إلى دار الحاجب رضوان فاقتحم عليه الدار وقتله بين حرمه وبناته، وقربوا إلى إسماعيل فرسه فركب فأدخلوه القصر وأعلنوا بيعته، وقرعوا طبولهم بسور الحمراء، وفرّ السلطان من مكانه بمنتزهه إلى وادي آش بعد مقتل حاجبه رضوان، واتصل الخبر بالسلطان المولى أبي سالم، فامتعض لمهلك رضوان، وخلع السلطان رعيا لما سلف له في جوارهم، وأزعج