إصلاح السابلة فقال: حتى أصلح المصر. فلما ضبطه أصلح ما وراءه، وكان يستعين بعدة من الصحابة منهم عمران بن حصين ولاه قضاء البصرة فاستعفى، فولى مكانه عبد الله بن فضالة الليثي، ثم أخاه عاصما، ثم زرارة بن أوفى وكانت أخته عند زياد، وكان يستعين بأنس بن مالك وعبد الرحمن بن سمرة وسمرة بن جندب. ويقال: إن زيادا أوّل من سيّر بين يديه بالحراب والعمد، واتخذ الحرس رابطة، فكان خمسمائة منهم لا يفارقون المسجد، ثم قسّم ولاية خراسان على أربعة: فولّى على مرو أمين ابن أحمد اليشكري، وعلى نيسابور خليد بن عبد الله الحنفي، وعلى مروالروذ والعاربات والطالقات قيس بن الهيثم، وعلى هراة وباذغيس وبوشنج نافع بن خالد الطائي. ثم إنّ نافعا بعث إليه بجواد باهر غنمه في بعض وجوهه، وكانت قوائمه منه، فأخذ منها قائمة وجعل مكانها أخرى ذهبا وبعث الجواد مع غلامه زيد وكان يتولى أموره فسعى فيه عند زياد بأمر تلك القائمة فعزله وحبسه، وأغرمه مائة ألف كتب عليه بها كتابا، وقيل ثمانمائة ألف. وشفع فيه رجال من الأزد فأطلقه واستعمل مكانه الحكم بن عمرو الغفاريّ وجعل معه رجالا على الجباية منهم أسلم بن زرعة الكلابيّ. وغزا الحكم طخارستان فغنم غنائم كثيرة. ثم سار سنة سبع وأربعين إلى جبال الغور، وكانوا قد ارتدّوا، ففتح وغنم وسبى وعبر النهر في ولايته إلى ما وراءه فملأه غارة. ولما رجع من غزاة الغور مات بمرو واستخلف على عمله أنس بن أبي أناس [١] بن ربين فلم يرضه زياد. وكتب إلى خليد بن عبد الله الحنفي بولاية خراسان، ثم بعث الربيع بن زياد المحاربي في خمسين ألفا من البصرة والكوفة.
[صوائف الشام]
ودخل المسلمون سنة اثنتين وأربعين إلى بلاد الروم فهزموهم وقتلوا جماعة من البطارقة وأثخنوا فيها ثم دخل بسر بن أرطاة أرضهم سنة ثلاث وأربعين ومشى بها وبلغ القسطنطينيّة. ثم دخل عبد الرحمن بن خالد وكان على حمص فشتّى بهم وغزاهم بسر تلك السنة في البحر. ثم دخل عبد الرحمن إليها سنة ست وأربعين فشتى بها، وشتى أبو عبد الرحمن السبيعي على انطاكية ثم دخلوا سنة ثمان وأربعين فشتّى عبد الرحمن بأنطاكية أيضا. ودخل عبد الله بن قيس الفزاري في تلك السنة بالصائفة وغزاهم مالك بن هبيرة اليشكريّ في البحر وعقبة بن عامر الجهنيّ في البحر أيضا بأهل مصر وأهل المدينة. ثم دخل مالك بن هبيرة سنة تسع وأربعين فشتّى بأرض الروم ودخل عبد الله بن كرز الجيلي بالصائفة وشتّى يزيد بن ثمرة الرهاويّ في بلاد الروم بأهل الشام في البحر