للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعث به معتقلا إلى طنجة وقتل بها بعد ذلك. ولما استولى على أمره قبض على الوزير ابن ماسي ليومين من دخوله، وإخوته وحاشيته، وامتحنهم جميعا فهلكوا في العذاب. ثم سلّط على مسعود من العذاب والانتقام ما لا يعبّر عنه، ونقم عليه ما فعله في دور بني مرين النازعين إلى السلطان، فإنه كان متى هرب عند أحد منهم يعمد إلى بيوته فينهبها ويخرّبها فأمر السلطان بعقابه في أطلالها، فكان يؤتى به إلى كل بيت منها، فيضرب عشرين سوطا إلى أن قتله العذاب [١] وتجاوز الحدّ. ثم أمر به فقطعت أربعته، فهلك عند قطع الثانية، فذهب مثلا في الآخرين.

[(وزارة محمد بن علال [٢] )]

كان أبوه يوسف بن علّال من رؤساء الدولة [٣] وصانعة السلطان أبي الحسن. وربّي في داره. ولمّا ضخم أمره سما به إلى ولاية الأعمال، فولّاه على درعة فانتزى وانتخب أولياء الدولة. ثم ولّاه السلطان أبو عنان أمر طنجة ومائدته وضيوفه واستكفى به في ذلك، وولّاه أخوه أبو سالم بعده كذلك. ثم بعثه إلى سجلماسة فعانى بها من أمور العرب مشقّة، وعزلها عنها، وهلك بفاس. وكان له جماعة من الولد قد نشؤا في ظلّ هذه النعمة، وحدبت النجابة بمحمد المذكور منهم. فلما استولى السلطان أبو العبّاس استعمله في أمور الضيوف والمائدة كما كانت لأبيه. ثم رقّاه إلى المخالصة وخلطه بنفسه، فلمّا خلع السلطان واستولى الوزير ابن ماسي على المغرب، وكانت بينه وبين أخيه يعيش بن ماسي إحن قديمة، فسكن لصولتهم حتى إذا اضطرمت نار الفتنة بالمغرب وأجلبت عرب المعقل الخلاف، فاستوحش محمد هذا، فلحق بأحيائهم مع رزوق بن توفريطت كما مرّ ذكره ونزل على يوسف بن علي بن غانم شيخ أولاد حسين، وأقاما معه في خلافه، حتى إذا أجاز السلطان الواثق إلى الأندلس، ووصل مع أصحابه إلى جبل زرهون، وأظهروا الخلاف على ابن ماسي بادر محمد هذا ورزوق إلى السلطان، ودخلا في طاعته متبرّءين من النفاق الّذي حملهم عليه


[١] وفي النسخة المصرية: إلى أن أفحش فيه العذاب.
[٢] وفي النسخة المصرية: هلال.
[٣] وفي النسخة المصرية: من نشأة الدولة.

<<  <  ج: ص:  >  >>