للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(حصين بن زغبة)]

وأما أولاد حصين بن زغبة فكانت مواطنهم بجوار بني يزيد إلى المغرب عنهم. كانوا حيا حلوا هنالك، وكان الريف للحاذي من تيطري ونواحي المدينة مواطن للثعالبة من بطون البعوث، ويأخذون منهم الأتاوات والصدقات. حتى إذا ذهب سلطان بني توجين من أرض المدينة [١] وغلبهم عليهم بنو عبد الواد ساموا حصينا هؤلاء خطة الخسف والذل، وألزموهم الوضائع والمغارم، واستلحموهم بالقتل وهضموهم بالتكاليف، وصيّروهم في عداد القبائل الغارمة ومآثر ذلك، كان تغلب بني مرين على جميع زناتة كما نذكره، فكانوا لهم أطوع، ولدولتهم أذل. فلما عاد بنو عبد الواد إلى ملكهم لعهد أبي حمو موسى بن يوسف بن يوسف بعد مهلك السلطان أبي عنان هبت ريح العز للعرب، وفشل ريح زناتة، ولحق دولتهم ما يلحق الدول من الهرم، ونزل حصين هؤلاء بتيطري وهو جبل أشير وملكوه وتحصنوا به.

وكان أبو زيان ابن عم السلطان أبي حمو لما ملك من قبله لحق بتونس مقتطعا [٢] حبالة بني مرين، وخرج طالبا أبيه، ومنازلا لابن عمه هذا، ونزل في خبر طويل نذكره بقبائل حصين هؤلاء أحوج ما كانوا لمثلها لما راموه من خلع ما كان بأعناقهم من الدول وطرق الاهتضام والعسف فتلقوه بما يجب له. ونزل منهم بأكرم نزل وأحسن مثوى. وبايعوه وراسلوا إخوانهم وكبراءهم من رؤساء زغبة بني سويد وبني عامر فأصفقوا عليه. وترددت عساكر السلطان أبي حمو وبني عبد الواد إليهم فتحصنوا بجبل تيطري وأوقعوا بهم.

ونهض إليهم السلطان أبو حمود بعساكره فقتلوه ونالوا منه، ونالت زغبة بذلك ما أرادوه من الاعتزاز على الدولة آخر الأيام، وتملكوا البلاد أقطاعات وسهمانا، ورجع أبو زيان إلى رياح فنزل بهم على سلم عقده مع ابن عمه وبقي لحصين أثر الاعتزاز من جرّائه. واقطعتهم الدولة ما ولوه من نواحي المدينة وبلاد صنهاجة. لحصين ولهؤلاء


[١] وفي نسخة: المرية. ولعلها المدية في أواخر افريقية من اعمال بني حمّاد. وليس المرية من اعمال الأندلس لأنها بعيدة عن بحثنا هنا. راجع قبائل المغرب ص ١٤٥.
[٢] وفي نسخة أخرى: مفلتا من

<<  <  ج: ص:  >  >>