للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

زوجة مغنّية شغف بها وتزوّجها، فقبض عليها شهاب الدين وضربها ضربا مبرحا وضرب ولدها غيّاث الدين وزوّج أختها واستصفاهم وغرّبهم إلى بلاد الهند. وكانت بنت مدرسة ودفنت فيها أباها [١] ، فخرّبها ونبش قبورهم ورمى بعظامهم. وكان غيّاث الدين ملكا عظيما مظفرا على قلّة حروبه، فإنه كان قليل المباشرة للحروب، وكان ذا هيبة جوادا حسن العقيدة، كثير الصدقة، بنى بخراسان وغيرها المساجد والمدارس للشافعيّة، وبنى الخوانك في الطرق، وبنى على ذلك الأوقاف الكثيرة، وأسقط المكوس، وكان لا يتعرّض إلى مال أحد، ومن مات ووارثه غائب دفعه إلى أمناء التجّار من أهل بلده ليوصلوه إلى ورثته، فإن لم يجد تاجرا ختم عليه القاضي إلى أن يصل مستحقّه. وإن كان لا وارث له تصدّق عنه بماله. وكان يحسن إلى أهل البلد إذا ملكها، ويفرض الأعطيات للفقهاء كل سنة من خزائنه، ويفرّق الأموال على الفقراء، ويصل العلويّة والشعراء. وكان أديبا بليغا بارع الخطّ ينسخ المصاحف ويفرّقها في المدارس التي بناها. وكان شافعيّ المذهب من غير تعصّب لهم، ويقول التعصّب في المذاهب هلاك.

[فتنة الغورية مع محمد بن تكش صاحب خوارزم وحصار هراة ثم حصارهم خوارزم وحروب شهاب الدين مع الخطا]

لما هلك غياث الدين ملك أخوه شهاب الدين بعده، فطمع محمد بن تكش صاحب خوارزم في ارتجاع هراة. وكان قد راسل شهاب الدين في الصلح فلم يتم.

وسار شهاب الدين عن غزنة إلى لهاور غازيا، فسار حينئذ محمد بن تكش إلى هراة منتصف سنة ستمائة، وحاصرها وكان بها ألب غازي ابن أخت شهاب الدين. وطال حصارها إلى سلخ شعبان، وقتل بين الفريقين خلق منهم رئيس خراسان المقيم يومئذ بمشهد طوس. وكان الحسين بن حرميل من أعيان الغوريّة بجوربان [٢] وهو إقطاعه، فمكر بصاحب خوارزم، وأظهر له الموالاة وأشار بأن يبعث إليه فوارس يعطيهم بعض


[١] دفنت فيها أباها وأمها وأخاها فهدمها ونبش قبور الموتى ورمى بعظامهم منها: ابن الأثير ج ١٢ ص ١٨١.
[٢] كرزبان: ابن الأثير ج ١٢ ص ١٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>