الانتقاض فشغبوا وقبضوا على عميد الدولة، ونادوا بدعوة أبي منصور فلاستون، واستدعوه وأخرجوا أبا سعيد عنهم إلى الأهواز، ودخل أبو منصور إلى الأهواز فملكها وخطب لطغرلبك وللملك الرحيم ثم لنفسه بعدهما.
[(وقائع البساسيري مع الاعراب والأكراد لطغرلبك)]
لما استولى طغرلبك على النواحي وأحاط بأعمال بغداد من جهاتها، وأطاعه أكثر الأكراد إلى حلوان وكثر فسادهم وعيثهم، والتفت عليهم الأعراب وأهمّ الدولة شأنهم سار إليهم البساسيري واتبعهم إلى البوازيج فظفر بهم وقتل وغنم، وعبروا الزاب، وجاء الديلم فتمكّن من العبور إليهم وذلك سنة خمس وأربعين وأربعمائة ثم دعاه دبيس صاحب الحلّة إلى قتال خفاجة، وقد عاثوا في بلاده، فاستنجد به وسار إليهم فأجلاهم عن الجامعين، ودخلوا المفازة واتبعهم فأدركهم بخفان فأوقع بهم وغنم أموالهم وأنعامهم، وحاصر حصن خفّان وفتحه وخرّبه. وأراد تخريب القائم الّذي به، وهو بناء في غاية الارتفاع كالعلم يهتدى به. قيل إنه وضع لهداية السفن لمّا كان البحر إلى النجف، فصانع عنه ربيعة بن مطاعم بالمال وترك له، وعاد إلى بغداد فصلب من كان معه من أسرى العرب. ثم سار إلى خويّ فحصرها وقرّر عليها سبعة آلاف دينار.
[(فتنة الأتراك واستيلاء عساكر طغرلبك على النواحي)]
كان الأتراك من جند بغداد قد استفحل أمرهم على الدولة، واشتطوا وتطاولوا إلى الفتنة عند ما هبّت ريحها بظهور طغرلبك واستيلائه على النواحي، فطالبوا الوزير في محرّم سنة ست وأربعين وأربعمائة بمبلغ كبير من أرزاقهم ورسومهم وأرهقوه، واختفى في دار الخلافة فاتبعوه وطلبوه من أهل الدار فجحدوه فشغبوا على الديوان، وتعدّوا إلى الشكوى من الخليفة، وساء الخطاب بينهم وبين أهل الديوان وانصرفوا، وشاع بين الناس أنهم محاصرون دار الخلافة فانزعجوا، وركب البساسيري وهو النائب يومئذ ابن خلدون م ٤٢ ج ٤