للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فروجها، وعقد عليها ليحياتن بن عمر بن عبد المؤمن كبير بني ونكاسن، وبلغه قصد السلطان إلى مراكش، فاعتزم على الرحلة إليها وأبى عليه قومه، فرجع بهم إلى فاس إلى أن كان من خبرهم مع السلطان ما نذكره إن شاء الله تعالى.

[الخبر عن استيلاء السلطان على مراكش ثم انهزامه أمام الأمير أبي عنان ومهلكه بجبل هنتاتة عفا الله عنه]

لما أجفل السلطان عن سجلماسة سنة إحدى وخمسين وسبعمائة بين يدي الأمير أبي عنان وعسكر بني مرين، قصد مراكش، وركب إليها الأوعار من جبال المصامدة.

ولما شارفها تسارع إليه أهل جهاتها بالطاعة من كل أوب، ونسلوا من كل حدب.

ولحق عامل مراكش بالأمير أبي عنان ونزع إلى السلطان صاحب ديوان الجباية أبو محمد [١] بن محمد بن أبي مدين بما كان في المودع من مال الجباية، فاختصّه واستكتبه وجعل إليه علامته، واستركب واستلحق وجبى الأموال، وبثّ العطاء، ودخل في طاعته قبائل العرب من جشم وسائر المصامدة. وثاب له بمراكش ملك أمّل معه أن يستولي على سلطانه، ويرتجع فارط أمره من يد مبتزّه. وكان الأمير أبو عنان لما رجع إلى فاس عسكر بساحتها، وشرع في العطاء وإزاحة العلل، وتقبّض على كاتب الجباية يحيى بن حمزة بن شعيب بن محمد بن أبي مدين، اتّهمه بممالأة بني مرين في الإمالة عليه عن اللحاق بمرّاكش من سجلماسة. وأثار حقده في ذلك ما كان من نزوع عمّه أبي المجد إلى السلطان بأموال الجباية، ووسوس إليه في السعاية به كاتبه وخالصته أبو عبد الله محمد بن أبي محمد بن أبي عمر [٢] لما بينهما من المنافسة، فتقبّض عليه وامتحنه، ثم قطع لسانه وهلك في ذلك الامتحان، وارتحل الأمير أبو عنان وجموع بني مرين إلى مراكش، وبرز السلطان إلى لقائهم ومدافعتهم، وانتهى كل واحد من الفريقين إلى وادي أم ربيع، وتربّص كل بصاحبه إجازة الوادي. ثم أجازه السلطان أبو الحسن وأصبحوا جميعا في التعبية،


[١] وفي نسخة ثانية: ابو المجد.
[٢] وفي نسخة ثانية: ابو عبد الله محمد بن محمد بن أبي عمرو.

<<  <  ج: ص:  >  >>